الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ( قال ) وإذا قال - صلى الله عليه وسلم - : الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ فحكم على الصادق والكاذب حكما واحدا وأخرجهما من الحد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا الحديث رواه سعيد بن جبير ، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرق بين العجلاني وامرأته قال : " الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب " قالها ثلاثا . ومراد الشافعي بذكره بيان ما دل عليه من ثلاثة أحكام :

                                                                                                                                            أحدهما : أن الحكم يكون بالظاهر دون الباطن وإن علم أن الباطن مخالف للظاهر ؛ لأنه قد علم قطعا أن أحدهما كاذب وإن لم يعلم بعينه ، فلم يعتبر حال علمه ، وحكم بالظاهر من أحوالهما .

                                                                                                                                            والحكم الثاني : أنه سوى في الحكم بينهما وإن علم كذب أحدهما وصدق الآخر ولم يجعل لاختلافهما في ذلك تأثيرا في اختلاف الحكم عليهما ؛ لأن اشتباه أحوالهما منع من تمييزهما فيه ، وصار حكم الصادق منهما والكاذب سواء في الظاهر وإن كان مختلفا عند الله تعالى في الباطن .

                                                                                                                                            والحكم الثالث : ما أمرهما به رسول الله من التوبة فدل ذلك على أمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : تمحيص المآثم يكون بالتوبة لا بالحكم .

                                                                                                                                            والثاني : قبول التوبة ممن علم أن باطنه مخالف لظاهره ، فكان فيه حجة على مالك في قبول توبة الزنديق ، وإن علم أن باطن معتقده مخالف لظاهر توبته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية