الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والحال الثالثة : أن يبين ذلك أنها لم تلده وإنما التقطته ، فالقول قوله إلا أن تقيم بينة على ولادتها ؛ لأن إقامة البينة على الولادة ممكنة ، لأن الولادة لا تخلو في الأغلب من حضور النساء لها ، والبينة أربع نسوة يشهدن بولادتها كالرضاع والاستهلال ، فإن شهد بها شاهدان ، أو شاهد وامرأتان ذكرا مشاهدة الولادة بالاتفاق من غير تعمد النظر سمعت شهادتهما ؛ لأن شهادة الرجل أغلظ ، فإذا قامت البينة بولادتها ثبت نسبه ولم ينتف عنه إلا باللعان ، فإن عدمت البينة فهل ترجع إلى القافة في إلحاقه بها ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يرجع إلى القافة كما يرجع إليهم في إلحاقه بالرجل ، فعلى هذا إن ألحقوه بها صار كالبينة على ولادتها فيلحق بها وبزوجها إلا أن ينفيه باللعان .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يجوز أن يرجع إلى القافة في إلحاق الولد بالأم ويجوز أن [ ص: 85 ] يرجع إليهم في إلحاقه بالأب والفرق بينهما : أن الأم يمكن أن يلحق بها ولدها قطعا بالمشاهدة ، فلم يكن لاجتهاد القافة في إلحاقه مدخل ، ولا يلحق الأب إلا من طريق الاستدلال وغلبة الظن فجاز اجتهاد القافة في إلحاقه به ، فعلى هذا يحلف الزوج بالله تعالى أنها ما ولدته ، فإذا حلف انتفى عنه ، وإن نكل ردت اليمين عليها فحلفت بالله أنها ولدته ، فإذا حلفت لحق به إلا أن ينفيه باللعان ، فإن نكلت فهل توقف اليمين على بلوغ الولد ليحلف أنها ولدته على فراشه أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا توقف اليمين وقد انقطع حكمها ، لأن حقها في اليمين في بطل بنكولها ويكون منفيا عن الزوج بإنكارها ونكولها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : توقف اليمين على بلوغه ؛ لأن إنكار الزوج قد تعلق به حقان ، حق لها في الولادة ، وحق الولد في ثبوت النسب ، فإذا بطل حقها بنكولها لم يبطل حق الولد ، فعلى هذا إن حلف الولد بعد بلوغه لحق بالزوج إلا أن ينفيه باللعان ، وإن نكل عن اليمين لم يلحق به وكان منفيا عنه بغير لعان ، وهل يلحق بها أم لا ؟ على وجهين : أحدهما : لا يلحق بها إلا ببينة ، وقد ذكر الشافعي في كتاب التقاط المنبوذ : أنه لا يسمع فيه دعوى المرأة إلا ببينة لما في لحوقه بها من إلحاقه بزوجها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يلحق بإقرارها ولا يلحق بزوجها مع إنكاره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية