الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو قال لامرأته : زنيت وأنت صغيرة ، أو قال : وأنت نصرانية [ ص: 110 ] أو أمة ، وقد كانت نصرانية أو أمة وقال : مستكرهة ، أو زنى بك صبي لا يجامع مثله ، لم يكن عليه حد ويعزر للأذى إلا أن يلتعن " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : جمع الشافعي هاهنا بين خمس مسائل لاتفاق أحكامها مع اختلاف أقسامها ، ونحن نفرد كل مسألة منها لتوضيح أقسامها وأحكامها :

                                                                                                                                            فالمسألة الأولى : إذا قال لها : زنيت وأنت صغيرة ، فيسأل عما أراد من حال صغرها ؛ فإنه لا يخلو من أحد حالين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تكون طفلة لا يجامع مثلها كابنة سنة أو سنتين ، فهذا يستحيل صدقه ويتحقق كذبه ، فلا يكون قذفا ؛ لأن القذف ما احتمل الصدق والكذب ، ويعزر للفحش والخنا تعزير الأذى لا تعزير القذف ، ولا يلاعن من هذا التعزير لخروجه عن حكم القذف .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن تكون مشتدة يجامع مثلها كابنة سبع أو ثمان ، فهذا قذف ؛ لاحتماله الصدق والكذب ، لكن لا حد عليه لعدم كمالها ، وإنها لو زنت لم تحد ، فلم يجب الحد على قاذفها ، ولكن يعزر تعزير القذف لكونه قاذفا ، وله أن يلاعن منه فيسقط عنه .

                                                                                                                                            والفرق بين تعزير الأذى وتعزير القذف من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تعزير الأذى موقوف على مطالبة الإمام دونها ، وتعزير القذف موقوف على مطالبتها دون الإمام .

                                                                                                                                            والثاني : أنه يلاعن في تعزير القذف ولا يلاعن في تعزير الأذى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية