مسألة : قال  الشافعي      : " ولو  قذف أربع نسوة له بكلمة واحدة لاعن كل واحدة   ، وإن تشاححن أيتهن تبدأ أقرع بينهن وأيتهن بدأ الإمام بها رجوت أن لا يأثم ؛ لأنه لا يمكنه إلا واحدا واحدا ( قال  المزني      ) - رحمه الله - قال في الحدود : ولو قذف جماعة كان لكل واحد حد ، فكذلك لو لم يلتعن كان لكل امرأة حد في قياس قوله " .  
قال  الماوردي      : اعلم أن قذف الواحد لجماعة ضربان :  
أحدهما : أن يفرد قذفهم .  
والثاني : أن يشرك بينهم ، فإن أفرد قذفهم وقذف كل واحد منهم بكلمة مفردة فقال : قد زنيت يا زيد وزنيت يا عمرو ، وزنيت يا بكر ، فلا يختلف مذهب  الشافعي   وأكثر الفقهاء أن عليه لكل واحد منهم حدا .  
وقال  مالك      : يحد لجميعهم حدا واحدا ؛ لأن الزنا أغلظ من القذف فلما تداخلت حدود الزنا فأولى أن تتداخل حدود القذف ، وهذا فاسد ؛ لأن حد القذف من حقوق الآدميين ، وحقوق الآدميين إذا اجتمعت لم تتداخل كالقصاص والديون لما في      [ ص: 120 ] تداخلها من إسقاط حق بعضهم ببعض ، وخالفت حد الزنا وقطع السرقة ؛ لأنها من حقوق الله تعالى وحده ، فجاز أن يتداخل بعضها في بعض إذا تجانسا ، لأن تداخلها غير مسقط لحقه من جميعها .  
وأما إن شرك بينهم في القذف بكلمة واحدة ،  فقال لجماعتهم : زنيتم ، أو قال لهم : يا زناة   ، ففيه قولان :  
أحدهما : وهو قوله في القديم وبه قال  أبو حنيفة      : لهم حد واحد لأمرين :  
أحدهما : لأن كلمة القذف واحدة فوجب أن يكون الحد عليها واحدا .  
والثاني : لأن المعرة بها قد ارتفعت بتكذيبه عليها بالحد فوجب أن يرتفع حكم جميعها .  
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد أن عليه لكل واحد منهما حدا كاملا لثلاثة معان :  
أحدها : أن كل واحد منهم مقذوف ، فوجب أن يحد لقذفه كما لو أفرده .  
والثاني : لأن الحقوق إذا لم تتداخل إذا انفردت لم تتداخل إذا اجتمعت ، كالقصاص والديون ، وإذا تداخلت إذا اجتمعت تداخلت إذا انفردت كالزنا والسرقة .  
والثالث : أنه كما كان - لو أقام البينة عليهم بالزنا حد لكل واحد منهم حدا وجب إذ عدمها أن يحد لكل واحد منهم ؛ لأن حد القذف في جهته في مقابلة حد الزنا في جهتهم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					