الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو قال : كنت أعزل عنها ألحقت الولد به إلا أن يدعي [ ص: 159 ] استبراء بعد الوطء فيكون دليلا له ، وقال بعض الناس : لو ولدت جارية يطؤها فليس هو ولده إلا أن يقر به ، فإن أقر بواحد ثم جاءت بعده بآخر فله نفيه ؛ لأن إقراره بالأول ليس بإقرار بالثاني ، وله عنده أن يقر بواحد وينفي ثانيا وبثالث وينفي رابعا ، ثم قالوا : لو أقر بواحد ثم جاءت بعده بولد فلم ينفه حتى مات فهو ابنه ولم يدعه قط ، ثم قالوا : لو أن قاضيا زوج امرأة رجلا في مجلس القضاء ففارقها ساعة ملك عقدة نكاحها ثلاثا ثم جاءت بولد لستة أشهر لزم الزوج ، قالوا : هذا فراش ، قيل : وهل كان فراشا قط يمكن فيه الجماع " . قال الماوردي : أما العزل فضربان : عزل عن الإنزال ، وعزل عن الإيلاج وكلاهما مباح في الأمة والزوجة ، ولكن يلزم استطابة نفس الزوجة عنه ، وإن لم يلزمه استطابة نفس الأمة ، لأن للحرة حقا في الولد دون الأمة : فأما العزل عن الإنزال فهو أن يولج في الفرج ، فإذا أحس بالإنزال أقلع فأنزل خارج الفرج ، وهذا العزل لا يمنع من لحوق الولد ، روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : يا رسول الله ، نصيب السبايا ونحب الأثمان ، أفنعزل عنهن ؟ فقال : إن الله إذا قضى خلق نسمة خلقها ولأنه قد يسبق من إنزاله ما لا يحس به فتعلق منه ، وربما استدخل الفرج من المني الخارج ما يكون منه العلوق . فأما العزل عن الإيلاج : فهو أن يطأ دون الفرج وينزل ففي لحوق ولد الأمة منه وجهان : أحدهما : لا يلحقه لخروج المني عن الفرج . والوجه الثاني : يلحقه لجواز أن يستدخله الفرج بحرارته ، وهكذا ولد الموطوءة بشبهة يلحق به في العزل عن الإنزال ، وفي لحوقه به في العزل عن الإيلاج وجهان : فأما ولد الزوج فيلحق به في الحالين لثبوت الفراش بالعقد والإمكان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية