الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وتنتوي البدوية حيث ينتوي أهلها ؛ لأن سكن البادية إنما هو سكنى مقام غبطة وظعن غبطة " . قال الماوردي : وهو كما قال : لأن البادية تخالف الحاضرة في السكنى من وجهين : أحدهما : صفة المساكن : لأن بيوت البادية خيام نقلة ، وبيوت الحاضرة أبنية مقام . والثاني : أن البادية ينتقلون للنجعة طلب الكلأ ، والحاضرة يقيمون في أمصارهم مستوطنين فإذا طلقت البدوية اعتدت في البيت الذي هو مساكنها من خيام النقلة وأقامت فيه ما أقام قومها ، فإن انتقلوا فلهم سبعة أحوال : أحدها : أن ينتقل جميع الحي فتنتقل بانتقالهم منتجعة بنجيعهم : لأن في مقامها بعدهم خوفا عليها : ولأن حال البادية هي الأوطان لا المكان . [ ص: 268 ] والحال الثانية : أن تنتقل رجالهم وتقيم نساؤهم لحرب يقصدونها فيلزمها أن تقيم مع نسائهم إذا آمن على أنفسهن : ولأن انتقال الرجال في هذه الحال كسفر الحاضرة . والحال الثالثة : أن تنتقل نساؤهم ويقيم رجالهم لخوف من عدو يقصدهم ، فتنتقل هذه مع النساء ، ولا تقيم مع الرجال . والحال الرابعة : أن ينتقل بعض الحي ، وفيه أهلها وأهل الزوج ويقيم باقي الحي وليس فيه أهلها ولا أهل الزوج فهذه تنتقل بانتقال أهلها ولا تقيم بإقامة غيرهم . والحال الخامسة : أن يقيم أهلها وأهل الزوج ، وينتقل من عداهم فهذه تقيم مع المقيمين من أهلها ولا تنتقل مع المنتقلين من غيرهم . والحال السادسة : أن ينتقل أهلها ويقيم أهل الزوج فعليها أن تقيم مع أهل الزوج ، ولا تنتقل مع أهلها : لأنها أخص بمسكن الزوج في العدة من مسكن أهلها . والحال السابعة : أن ينتقل أهل الزوج ويقيم أهلها ، فتكون بالخيار بين الانتقال مع أهل الزوج لاختلاط بيتها ببيوتهم ، أو تقيم مع أهلها بمكانهم لاختصاصهم بمكان الطلاق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية