الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما المزني فاعترض على الشافعي في فرقة الإحداد بين عدة الموت وعدة الطلاق : لأنهما قد يختلفان في حال ، وإن اجتمعا في غيره فأنكر المزني هذا التعليل في فرقته بينهما بأنهما قد يختلفان في حال إذا اجتمعا في أخرى ، فقال : كل ما قيس على أصل فهو مشتبه له من وجه ، وإن خالفه من غيره فجعل المزني اجتماعهما في حال يوجب اشتراكهما وإن اختلفا في أخرى ثم قال : لو لم يكن من القياس إلا باجتماع كل الوجوه لبطل القياس . والجواب عن هذا أن يقال للمزني : أما آخر كلامك في أنه ليس في القياس [ ص: 276 ] اجتماع كل الوجوه فصحيح : لأن اشتراك الشيئين المتبوعين من جميع الوجوه ممتنع ، ولو اشتركا لم يتنوعا ، وأما أول كلامك في اعتراضك فليس إذا اجتمع الشيئان من وجه ، واختلفا من وجه وجب أن يسوى بينهما في الحكم لأجل الاجتماع ، ولا يفرق بينهما فيه لأجل الاختلاف على إرسال هذا القول وإطلاقه : لأنه لو غلب حكم الاجتماع لما اختلف حكمان : لأنه ما من شيئين في العالم إلا وقد يشتركان في الحدوث ، ولو غلب حكم الاختلاف لما اجتمع حكمان : لأنه ما من نوع إلا وقد يخالف غيره ، وإنما يجمع بين الشيئين إذا اجتمعا في علة الحكم وإن اختلفا في غيره ، ويفرق بين الشيئين إذا اختلفا في علة الحكم وإن اجتمعا في غيره ، وهذا هو مراد الشافعي فلم يكن لاعتراض المزني عليه وجه ، فإن كانت العلة في وجوب الإحداد في العدة وقوع الفرقة البائنة عن نكاح صحيح وجب أن يلزم في العدتين على ما اختاره المزني ، وإن كانت العلة وقوع الفرقة بعد استيفاء المدة من غير اختيار لزم في عدة الموت ، ولم يلزم في عدة الطلاق على ما رجحه الشافعي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية