الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الفصل الثاني : فيما يجب للمحرمة على الزوج فذلك معتبر بحال الرضاع وهو ينقسم ثلاثة أقسام : أحدها : أن تنفرد به الصغيرة فترضع من لبن الكبيرة وهي نائمة لا تعلم بارتضاع الصغيرة فلا مهر لها ؛ لأن الفسخ جاء من قبلها قبل الدخول فسقط به مهرها . والقسم الثاني : أن تنفرد به الكبيرة فترضعها ، فللصغيرة على زوجها نصف مهرها المسمى ؛ لأنه لا صنع لها في الفسخ فصار كطلاقها قبل الدخول . والقسم الثالث : أن يشتركا فيه . والاشتراك على ضربين : أحدهما : أن يتميزا في الشركة . والثاني : أن لا يتميزا فيها . فالذي لا يتميزان فيه أن تبتدئ الصغيرة في كل رضعة بالتقام الثدي ، وتمكنها الكبيرة من شربه ولا تنزع ثديها من فمها ، ففيه وجهان محتملان : أحدهما : يغلب فيه فعل الكبيرة ؛ لأن الصغيرة تبع لها فعلى هذا يجب للصغيرة نصف مهرها المسمى . والوجه الثاني : يكونان في التحريم سواء ؛ لأن البلوغ في فعل هذا التحريم غير معتبر فعلى هذا يصير التحريم من فعلها ، فيسقط من نصف المهر ما قابل فعلها وهو نصف النصف ، ويبقى نصفه وهو الربع فتستحق ربع مهرها على الزوج ، وإن كان اشتراكهما في الرضاع متميزا .

                                                                                                                                            مثاله أن تنفرد الكبيرة بأن ترضعها بعض الرضعات الخمس وتنفرد الصغيرة بأن ترضع بعض الرضعات الخمس ففيه وجهان محتملان : [ ص: 381 ] أحدهما : يغلب فيه حكم من تفرد بالرضعة الخامسة ؛ لأن بها وقع التحريم فإن تفردت بها الصغيرة فلا مهر لها ، وإن تفردت بها الكبيرة فللصغيرة نصف مهرها . والوجه الثاني : أنه يتقسط نصف المهر على أعداد الرضعات ؛ لأن الخامسة لم تحرم إلا بما تقدمها فصار لكل رضعة تأثير في التحريم ، فعلى هذا إن كانت الصغيرة قد انفردت برضعة واحدة ، والكبيرة بأربع رضعات سقط من نصف مهر الصغيرة خمسة ، ووجب لها أربعة أخماس النصف من مهرها ، وإن تفردت مرضعة بواحدة ، والصغيرة بأربع رضعات سقط من نصف مهرها أربعة أخماسه ، ووجب لها من نصف مهرها خمسه ، ثم على هذا القياس .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية