[ ص: 128 ] الطرف الثاني : في ، ونفيه ونحوهما . قال الأصحاب : التعليق بالتطليق " من " ، و " إن " ، و " إذا " ، و " متى " ، و " متى ما " ، و " مهما " ، و " كلما " ، و " أي " . الألفاظ التي يعلق بها الطلاق بالشرط والصفات
كقوله : من دخلت منكن ، أو إن دخلت ، أو إذا دخلت ، أو متى ، أو متى ما ، أو مهما ، أو كلما ، أو أي وقت ، أي زمان دخلت ، فأنت طالق . ثم إن كان التعليق بإثبات فعل ، لم يقتض شيء منها الفور ، ولم يشترط وجود المعلق عليه في المجلس ، إلا إذا كان التعليق بتحصيل مال ، بأن يقول : إن ضمنت لي ، أو إن أعطيتني ألفا ، فإنه يشترط الفور في الضمان والإعطاء في بعض الصيغ المذكورة ، كما سبق في كتاب الخلع ، وإلا إذا علق الطلاق على مشيئتها فإنه تعتبر مشيئتها على الفور كما سبق ، وسيأتي إن شاء الله تعالى ، ولا يقتضي شيء من هذه الصيغ تعدد الطلاق بتكرر الفعل ، بل إذا وجد الفعل المعلق عليه مرة ، انحلت اليمين ولم يؤثر وجوده ثانيا إلا " كلما " فإنها تقتضي التكرار بالوضع والاستعمال ، وحكى الحناطي وجها ، أن " متى " ، و " متى ما " يقتضيان التكرار ، ووجها أن " متى ما " تقتضيه دون " متى " ، وهما شاذان ضعيفان .
فصل
إذا ، نظر إن كان مدخولا بها ، وقع طلقتان ، إحداهما : المنجزة ، والأخرى المعلقة سواء طلق بصريح أو كناية مع النية ، ولو طلقها طلقتين وقع ثلاث ، الثالثة بالتعليق ، ولو قال : لم أرد التعليق ، إنما أردت أني إذا طلقتها تكون مطلقة بتلك الطلقة ، دين ولم يقبل ظاهرا . قال : إن طلقتك ، أو إذا طلقتك ، أو متى طلقتك فأنت طالق ، ثم طلقها
ولو وكل فطلقها وكيله ، وقعت المنجزة فقط ، لأنه لم يطلقها هو ، وأما إذا لم يكن مدخولا بها ، فيقع ما نجزه وتحصل البينونة ، فلا يقع شيء آخر ، [ ص: 129 ] وتنحل اليمين ، فلو نكحها بعد ذلك وطلقها ، لم يجئ الخلاف في عود الحنث .
ولو خالعها وهي مدخول بها ، أو غيرها ، لم يقع الطلاق المعلق لحصول البينونة بالخلع ، ثم إن جعلنا الخلع طلاقا ، انحلت اليمين ، وإن جعلناه فسخا ، لم تنحل ، وحكى الحناطي وجها ، أنه يقع في غير المدخول بها وفي الخلع طلقتان ، وهو غريب ضعيف .
فرع
؟ وجهان ، أصحهما والمرضي عند الإمام وقول المحققين : أنها معها ، لأن الشرط علة وضعية ، والطلاق معلولها فيتقاربان في الوجود ، كالعلة الحقيقية مع معلولها . فمن قال بالترتيب قال : إنما لم يقع على غير المدخول بها الطلقة الثانية في المسألة السابقة ، لكونها بانت بالمنجزة . ومن قال بالأصح وهو المقارنة ، قال : إنما لم تقع في الثانية ، لأن قوله : إن طلقتك ، فأنت طالق ، معناه : إن صرت مطلقة ، وبمجرد مصيرها مطلقة ، بانت . الطلقة المعلقة بصفة ، هل تقع مع الصفة مقترنة بها ، أم تقع مترتبة على الصفة
فرع
كما أن تنجيز الطلاق تطليق يقع به الطلقة المعلقة بالتطليق في المدخول بها ، فكذا تعليق الطلاق مع وجود الصفة تطليق . فإذا ، وقع طلقتان ، وكما أن التعليق بالصفة مع الصفة تطليق ، فالتعليق مع الصفة إيقاع للطلاق . فإذا قال : إذا طلقتك فأنت طالق ، ثم قال : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فدخلت ، وقع طلقتان . وقال الشيخ قال : إذا أوقعت عليك الطلاق ، فأنت طالق ، ثم قال : إن دخلت الدار ، فأنت طالق ، فدخلت أبو حامد : لا يقع إلا طلقة ، وحكاه صاحبا " المهذب " [ ص: 130 ] و " التهذيب " ، وزعم قائله أن لفظ الإيقاع يقتضي طلاقا يباشره بخلاف التطليق ، والصحيح الأول .
وأما مجرد الصفة ، فليس بتطليق ولا إيقاع ، لكنه وقوع ، فإذا ، لا يقع المعلق بالتطليق أو الإيقاع ، بل يقع طلقة بالدخول . ولو قال : إن دخلت الدار ، فأنت طالق ، ثم قال : إن طلقتك ، أو إذا أوقعت عليك الطلاق فأنت طالق ، ثم دخلت الدار ، وقع طلقتان ، وتطليق الوكيل وقوع على الصحيح . قال : إن دخلت الدار فأنت طالق ، ثم قال : إن وقع عليك طلاقي ، فأنت طالق ، ثم دخلت الدار
وأما مجرد التعليق ، فليس بتطليق ولا إيقاع ولا وقوع .
وإذا ، وقع ثلاث طلقات ، فيقع بوقوع الأولى ثانية ، وبوقوع الثانية ثالثة . قال : كلما وقع عليك طلاقي ، فأنت طالق ، ثم طلقها
ولو ، وقع طلقتان على الصحيح والمشهور ، وحكى قال : كلما طلقتك فأنت طالق ، ثم طلقها عن القاضي ابن كج أبي حامد وغيره وقوع ثلاث ، وجعله الحناطي قولا منسوبا إلى كتاب البويطي . فإذا قلنا بالصحيح : لا تنحل اليمين لاقتضاء اللفظ التكرار . قال البغوي : لكن لا تظهر فائدة هنا ، لأنه إذا طلقها أخرى ، كان بالمنجزة مستوفيا للثلاث ، ولا تعود اليمين بعد استيفاء الثلاث على المذهب ، ولو ، طلقت ثلاثا . قال : كلما طلقتك ، فأنت طالق ، ثم قال : إذا أوقعت عليك طلاقي ، فأنت طالق ، ثم طلقها
فرع
، عتق وطلقت ، لأن التعليق مع الدخول إعتاق كما أنه [ ص: 131 ] تطليق ، ولو قدم تعليق العتق قال لها : إذا أعتقت عبدي ، فأنت طالق ، ثم قال للعبد : إن دخلت الدار ، فأنت حر ، ثم دخل ولم تطلق المرأة ، فلو فقال : إن دخلت الدار ، فأنت حر ، ثم قال لامرأته : إن أعتقت عبدي ، فأنت طالق ، ثم دخل العبد ، عتق ، عتق وطلقت . قال : إن دخلت الدار ، فأنت حر ، ثم قال لها : إذا عتق أو وقع عليه العتق ، فأنت طالق ، ثم دخل
فرع
، طلقتا جميعا . تحته حفصة وعمرة ، فقال لحفصة : إذا طلقت عمرة ، فأنت طالق ، ثم قال لعمرة : إذا دخلت الدار ، فأنت طالق ، فدخلت
ولو ، طلقت ولم تطلق حفصة . قال لعمرة : إن دخلت الدار ، فأنت طالق ، ثم قال لحفصة : إن طلقت عمرة ، فأنت طالق ، ثم دخلت عمرة
ولو ، طلقتا . قال لحفصة : متى وقع طلاقي على عمرة ، فأنت طالق ، وعلق طلاق عمرة بدخول الدار قبل تعليق حفصة أو بعده ، ثم دخلت عمرة
ولو ، طلقت حفصة طلقتين ، وعمرة طلقة . قال لحفصة : إن طلقت عمرة ، فأنت طالق ، ثم قال لعمرة : إن طلقت حفصة ، فأنت طالق ، ثم طلق حفصة
ولو طلق عمرة بدل حفصة ، طلقتا طلقة طلقة فقط .
ولو كان تعليق الطلاقين بصيغة " إذا " أو " متى " أو " مهما " أو " كلما " فكذلك الجواب ، لأن التطليق لم يتكرر ، ولا مزية لكلما .
ولو ، طلقت طلقة منجزة وتقع على صاحبتها طلقة بالصفة ، ثم يعود إلى المنجز طلاقها طلقة أخرى بالوقوع [ ص: 132 ] على صاحبتها ، ولو علق هكذا بصيغة " كلما " ، ثم طلق إحداهما ، طلقتا ثلاثا ثلاثا . قال لحفصة : إن وقع طلاقي على عمرة ، فأنت طالق ، ثم قال لعمرة : إن وقع طلاقي على حفصة ، فأنت طالق ، ثم طلق إحداهما
ولو ، فقد علق بطلاق المخاطبة طلاق صاحبتها بخلاف الصورة السابقة ، وحكم هذه أنه إن طلق بعد ذلك حفصة ، طلقت طلقة فقط ، وطلقت عمرة بالصفة ، ولم تعد إلى حفصة طلقة أخرى ، لأن طلاقها معلق بتطليق عمرة ، ولم يطلق عمرة بعد ما علق طلاق حفصة تنجيزا ، ولا أحدث تعليقا . قال لحفصة : إذا طلقتك ، فعمرة طالق ، ثم قال لعمرة : إذا طلقتك ، فحفصة طالق
ولو طلق عمرة أولا ، طلقت طلقة منجزة ، وطلقت حفصة طلقة بالصفة ، وعاد بطلاقها إلى عمرة طلقة أخرى .
فرع
، طلقن طلقة طلقة ، فإن طلق أخرى ، طلقن أخرى أخرى ، فإن طلق ثالثة ، طلقن ثلاثا ثلاثا ، ولو قال : كلما طلقت واحدة منكن ، فأنتن طوالق ، ثم طلق إحداهن ، طلقت هي طلقتين ، والباقيات طلقة طلقة ، فإن طلق ثانية ، تم لها وللأولى ثلاث ثلاث ، وللثالثة والرابعة ، طلقتان طلقتان ، فإن طلق إحداهما ، تم لهما أيضا الثلاث . تحته أربع ، فقال : كلما طلقت واحدة منكن ، فالأخريات طوالق ، ثم طلق واحدة
فرع
، فإن طلق الأولى طلقت هي والثانية دون الثالثة ، وإن طلق الثانية ، طلقت هي والثالثة دون الأولى ، وإن طلقت الثالثة ، طلقت هي والأولى والثانية ، وإن طلق واحدة لا بعينها ومات قبل البيان ، فإن كان الطلاق قاطعا للإرث ، لكونه [ ص: 133 ] ثلاثا ، أو قبل الدخول ، فليس للثانية المخاصمة للميراث لأنها مطلقة على كل تقدير ، وللأولى والثالثة المخاصمة ، لأن احتمال عدم الطلاق قائم في حق كل منهما ، فيوقف الأمر إلى الاصطلاح . له نسوة نكحهن مرتبا ، فقال : إن طلقت الأولى ، فالثانية طالق ، وإن طلقت الثانية ، فالثالثة طالق ، وإن طلقت الثالثة فالأولى طالق
فصل
له أربع نسوة وعبيد ، فقال : ، ثم طلقهن معا ، أو على الترتيب ، عتق عشرة أعبد ، وهكذا الحكم إذا علق بصيغة " إذا " أو " متى " أو " مهما " ، وما لا يقتضي التكرار ، أما إذا علق هذه التعليقات بلفظ " كلما " ثم طلقهن معا ، أو على الترتيب ، فيعتق خمسة عشر عبدا ، وقيل : عشرة ، وقيل : سبعة عشر ، وقيل : عشرون ، وقيل : ثلاثة عشر ، حكاه القاضي إن طلقت واحدة من نسائي ، فعبد من عبيدي حر ، وإن طلقت ثنتين ، فعبدان حران ، وإن طلقت ثلاثا ، فثلاثة أعبد أحرار ، وإن طلقت أربعا ، فأربعة أعبد أحرار أبو الطيب في كتابه " المجرد " ، والصحيح الأول ، واتفق الأصحاب على تضعيف ما سواه ، والرجوع في تعيين العبيد إليه .