المسألة الثانية : إذا ، فله حالان ، أحدهما : أن ينوي معينا فيؤمر ببيانه ، ويحبس عليه . فإن قال : أردت هذا ، عتق ، ولغيره أن يدعي عليه أنك أردتني ، ويحلفه ، وإن نكل السيد ، حلف هو وعتق . ولو عين واحدا ، وقال : أردت هذا ، بل هذا ، أعتقا جميعا ، مؤاخذة له . ولو قتل واحدا منهم ، لم يكن ذلك بيانا ، بل يبقى الأمر بالبيان . فلو قال : أردت المقتول ، لزمه القصاص . ولو جرى ذلك في إماء ، أو أمتين ، ثم وطئ واحدة ، لم يكن الوطء بيانا ، بل لو بين العتق فيها ، تعلق به الحد والمهر لجهلها بأنها معتقة . ولو مات قبل البيان ، قام وارثه [ ص: 153 ] مقامه على المذهب ; لأنه خليفته ، وربما علمه . وقيل : قولان ، فإن أقمناه ، فبين أحدهم ، عتق ، ولغيره تحليفه على نفي العلم ، فإن لم يكن وارث ، أو قال الوارث : لا أعلم ، فالصحيح أو المشهور أنه يقرع بينهم . قال لعبيده : أحدكم حر ، أو اثنان حران ، أو أعتقت أحدكم
وفي وجه أو قول : لا يقرع ، بل يوقف . ولو قال المعتق : نسيت من أعتقته ، أمر بالتذكر . قال الأصحاب : يحبس عليه ، قال الإمام : وفيه احتمال . وإن مات قبل التذكر ، ففي بيان الوارث والقرعة الخلاف ، وهكذا الحكم لو سمى واحدا وأعتقه ثم قال نسيته .
الحال الثاني : أن لا ينوي معينا ، فيؤمر بالتعيين ، ويوقف عنهم ، إلى أن يعين ، ويلزمه الإنفاق عليهم ، فإذا عين أحدهم ، عتق ، وليس لغيره أن ينازع فيه إن وافق على أنه لم ينو معينا . وإذا قال : نويت هذا ، عتق الأول ، ولغا قوله للثاني ; لأن العتق حصل في الأول ، بخلاف قوله : نويت هذا ، بل هذا ; لأنه إخبار . ثم العتق في المبهم هل يحصل عند التعيين ، أم يتبين حصوله من وقت اللفظ المبهم ؟ وجهان سبق نظيرهما في الطلاق ، وخرج على الخلاف أنه لو مات أحدهم فعينه ، فهل يصح ؟ إن قلنا : يحصل العتق عند التعيين ، فلا ; لأن الميت لا يقبل العتق ، فعلى هذا لو كان الإبهام بين عبدين ، فإذا بطل التعيين في الميت ، تعين الثاني للعتق ، ولا حاجة إلى لفظ .
وإن قلنا الإبهام ، صح تعيينه . ولو جرى ذلك في أمتين أو إماء ، فهل يكون الوطء تعيينا لغير الموطوءة ؟ وجهان كما في الطلاق . قال ابن الصباغ : وكونه تعيينا هو قول أكثر الأصحاب . وإذا لم نجعله تعيينا ، فعين العتق في الموطوءة ، فلا حد . وبنى البغوي حكم المهر على أن العتق يحصل عند التعيين ، أم باللفظ المبهم ؟ إن قلنا بالأول ، لم يجب ، وإلا وجب . والوطء فيما دون الفرج والقبلة واللمسة بشهوة مرتب على الوطء إن لم يكن تعيينا ، فهذا أولى ، وإلا فوجهان .
والاستخدام مرتب على [ ص: 154 ] اللمس ، والمذهب أنه ليس بتعيين ، قال الإمام : هذا يوجب طرد الخلاف في أن الاستخدام في زمن الخيار ، هل يكون فسخا أو إجازة ؟ والعرض على البيع كالاستخدام . ولو باع بعضهم ، أو وهبه وأقبضه أو أجره ، قال البغوي : فيه الوجهان كالوطء ، والإعتاق ليس بتعيين . ثم إن عين فيمن أعتقه ، قبل ، وإن عين في غيره ، عتقا . وقتل السيد أحدهم ليس تعيينا ، ثم إن عين في غير المقتول ، لم يلزمه إلا الكفارة ، وإن عين في المقتول ، لم يجب القصاص ، للشبهة . وأما المال ، فإن قلنا : العتق يحصل عند التعيين ، لم يجب ، وإن قلنا : عند الإبهام ، لزمه الدية لورثته .
وإن قتل أجنبي أحدهم ، فلا قصاص إن كان القاتل حرا ، ثم إن عين في غير المقتول ، لزمه القيمة ، وإن عين فيه وقلنا : العتق يحصل عند التعيين ، فكذلك ، كما لو نذر إعتاق عبد بعينه ، فقتل . وإن قلنا : عند الإبهام ، لزمه الدية لورثة المقتول . ولو مات قبل التعيين ، فهل للورثة التعيين ؟ قولان ، ويقال : وجهان ، أظهرهما : نعم .