الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 284 ] فرع

                                                                                                                                                                        وهب المكاتب بعض ابنه فقبله ، وصححنا قبوله فعتق المكاتب عتق عليه ذلك الشقص . وهل يقوم الباقي عليه إن كان موسرا ؟ وجهان ، أصحهما : نعم ، قاله ابن الحداد ، وصححه الشيخ أبو علي ، ومنعه القفال .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        اشترى المكاتب ابن سيده ، ثم باعه بأبي السيد صح ، وملك الأب ، فإن رق المكاتب صار الأب ملكا للسيد ، وعتق عليه ، فإن وجد به عيبا لم يكن له الرد وله الأرش ، وهو جزء من الثمن ، فإن نقص العين عشر قيمة الأب ، رجع بعشر الابن الذي هو الثمن ، ويعتق ذلك العشر ، ولا يقوم الباقي على السيد إن كان المكاتب عجز نفسه ، وكذا إن عجزه سيده على الأصح .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        ذكرنا أنه لا يجوز للمكاتب وطء أمته بغير إذن سيده ، ولا بإذنه على المذهب . فلو وطئ ، فلا حد ولا مهر ؛ لأنه لو ثبت مهر لكان له ، فإن أولدها ، فالولد نسيب ، فإن ولدته وهو مكاتب بعد ، فهو ملكه لأنه ولد أمته ، لكن لا يملك بيعه ؛ لأنه ولده ، ولا يعتق عليه ؛ لضعف ملكه ، بل يتوقف عتقه على عتق المكاتب إن عتق [ ص: 285 ] عتق ، وإلا رق وصار للسيد ، ولا تصير الأمة مستولدة [ له ] في الحال على المذهب ؛ لأنها علقت بمملوك ، فأشبهت الأمة المنكوحة ، وحق الحرية للولد لم يثبت بالاستيلاد في الملك ، بل لمصيره ملكا لأبيه كما لو ملكه بهبة ، فإن عتق ففي مصيرها أم ولد قولان .

                                                                                                                                                                        فإن قلنا : يثبت الاستيلاد في الحال ، فإن عتق المكاتب استقر الاستيلاد ، وإن عجز رقت مع الولد للسيد ، فإن عتق المكاتب بعد ذلك ، وملكها ، لم تصر مستولدة له ؛ لأن بالعجز تبين أنها علقت برقيق ، وأن لا استيلاد .

                                                                                                                                                                        وإن قلنا : لا يثبت فإن عجز ، ثم عتق وملكها ، لم تصر مستولدة له ، وإن أعتق بأداء النجوم ، فكذلك على المذهب .

                                                                                                                                                                        وقال أبو إسحاق : قولان ، كما لو استولد مرهونته ، وبيعت ثم ملكها ، والفرق أن العلوق هنا بمملوك هذا كله إذا ولدت وهو بعد مكاتب ، فإن ولدت بعد عتقه ، فإن كان لدون ستة أشهر من حين العتق ، فكذلك الحكم ؛ لأن العلوق وقع في الرق ، وإن كان لستة أشهر فأكثر [ من ] يومئذ ، فقد أطلق الشافعي أنها تصير مستولدة .

                                                                                                                                                                        وللأصحاب طريقان . أصحهما : أن هذا إذا وطئ بعد الحرية ، وولدت لستة أشهر فصاعدا من حين الوطء لظهور العلوق بعد الحرية والولد والحالة هذه لا ولاء عليه إلا بالولاء على أبيه ، ولا ينظر إلى احتمال العلوق في الرق تغليبا للحرية .

                                                                                                                                                                        فأما إذا لم يطأها بعد الحرية ، فالاستيلاد على الخلاف .

                                                                                                                                                                        والثاني : يثبت الاستيلاد وطئ بعد [ الحرية ] أم لا ؛ لأنها كانت فراشا قبل الحرية والفراش مستدام بعدها ، وإمكان العلوق بعدها قائم ، فيكتفى به .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية