الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
12286 5635 - (12697) - (3\166) عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك، قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " ، فطلع رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان الغد، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث، قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم، تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي، فعلت. قال: نعم.

قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يره يقوم من الليل شيئا، غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه، ذكر الله - عز وجل - ، وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث ليال، وكدت أن أحقر عمله، قلت: يا عبد الله! إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار: " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " ، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك; لأنظر ما عملك، فأقتدي به، فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا ما رأيت. قال: فلما وليت، دعاني، فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحد من

[ ص: 330 ] المسلمين غشا، ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك، وهي التي لا نطيق.


التالي السابق


* قوله : " تنطف لحيته " : من نطف; كنصر وضرب: إذا سال.

* " قد تعلق نعليه " : أي: حملهما.

وفي " القاموس " : علقه تعليقا: جعله معلقا; كتعلقه.

* " لاحيت " : من لاحاه; أي: نازعه.

* " تعار " : من التعار - بتشديد الراء - ، وهو السهر والتقلب على الفراش.

* " ولا هجر ثم " : اسم إشارة; أي: هناك، مراده: الإشارة إلى الحال التي هو فيها.

* " ما هو " : أي: ما عملي.

وفي " المجمع " : رواه أحمد، والبزار بنحوه، غير أنه قال: فطلع سعد بدل قوله: فطلع رجل، وقال في آخره: ما هو إلا ما رأيت يا بن أخي، إلا أني لم أبت ضاغنا على مسلم، أو كلمة نحوها، ورجال أحمد رجال الصحيح، وكذلك أحد إسنادي البزار، إلا أن سياق الحديث لابن لهيعة.

* * *




الخدمات العلمية