الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سابور بن أردشير

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وزر لبهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة ثلاث مرات ، ووزر لمشرف الدولة أيضا ، وكان كاتبا سديدا عفيفا عن الأموال ، كثير الخير ، سليم الباطن ، وكان إذا سمع المؤذن لا يشغله شئ عن الصلاة ، وقد وقف دارا للعلم في سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة وجعل فيها كتبا كثيرة جدا ، ووقف عليها غلة كثيرة ، فبقيت سبعين سنة ، ثم أحرقت عند مجيء الملك طغرلبك في سنة خمسين وأربعمائة ، وكانت محلتها بين السورين ، وقد كان جيد المعاشرة إلا أنه كان يعزل عماله سريعا ، توفي في هذه السنة ، وقد قارب التسعين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عثمان النيسابوري الخركوشي الواعظ

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن الجوزي : صنف كتابا في الوعظ من أبرد الأشياء ، وفيه أحاديث كثيرة موضوعة ، وكلمات مرذولة إلا أنه كان خيرا صالحا ، وكانت له وجاهة عند الخلفاء والملوك ، وكان الملك محمود بن سبكتكين إذا رآه قام له ، وكانت محلته حمى يحتمي بها من [ ص: 608 ] الظلمة ، وقد وقع في بلدته نيسابور موت ، وكان يغسل الموتى محتسبا ، فغسل نحوا من عشرة آلاف ميت ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن الحسن بن صالحان ، أبو منصور

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الوزير لمشرف الدولة ولبهاء الدولة أيضا ، كان وزير صدق ، جيد المباشرة ، حسن الصلاة ، محافظا على أوقاتها ، وكان محسنا إلى الشعراء والعلماء ، توفي ببغداد في هذه السنة عن ست وسبعين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الملك مشرف الدولة ، أبو علي بن بهاء الدولة ، أبي نصر بن عضد الدولة بن بويه الديلمي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب بغداد وغيرها من البلاد . أصابه مرض حاد فتوفي لثمان بقين من ربيع الآخر عن ثلاث وعشرين سنة وثلاثة أشهر وخمسة وعشرين يوما .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التهامي ، علي بن محمد التهامي أبو الحسن

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      له ديوان مشهور ، وله مرثاة في ولده ، وكان قد مات صغيرا أولها :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حكم المنية في البرية جاري ما هذه الدنيا بدار قرار

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 609 ] ومنها :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إني لأرحم حاسدي لحر ما     ضمت صدورهم من الأوغار
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نظروا صنيع الله بي فعيونهم     في جنة وقلوبهم في نار

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومنها في ذم الدنيا ، وكل هذه القصيدة مليح مختار :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      طبعت على كدر وأنت تريدها     صفوا من الأقذار والأكدار
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومكلف الأيام ضد طباعها     متطلب في الماء جذوة نار
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وإذا رجوت المستحيل فإنما     تبني الرجاء على شفير هار

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومنها قوله في ولده بعد موته :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      جاورت أعدائي وجاور ربه     شتان بين جواره وجواري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر ابن خلكان أن بعضهم رآه في النوم في هيئة حسنة ، فقال : بم نلت ذلك ؟ قال : بهذا البيت . توفي بحبس خزانة البنود منالقاهرة في هذه السنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية