الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 719 ] ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في صفر منها وقع الحرب بين الروافض والسنة ، فقتل من الفريقين خلق كثير ، وذلك أن الروافض نصبوا أبراجا ، وكتبوا عليها بالذهب : محمد وعلي خير البشر ، فمن رضي فقد شكر ، ومن أبى فقد كفر . فأنكرت السنة اقتران علي مع محمد صلى الله عليه وسلم في هذا ، فنشبت الحرب بينهم ، واستمر القتال بينهم إلى ربيع الأول ، فقتل رجل هاشمي ، فدفن عند الإمام أحمد ، ورجع السنة من دفنه ، فنهبوا مشهد موسى بن جعفر وأحرقوه ، وأحرقوا ضريح موسى ومحمد الجواد ، وقبور ملوك بني بويه من هناك من الوزراء ، وأحرق قبر جعفر بن المنصور ، ومحمد الأمين ، وأمه زبيدة ، وقبور كثيرة جدا ، وانتشرت الفتنة وتجاوزت الحد ، وقد قابلهم أولئك أيضا بمفاسد كثيرة ، فأحرقوا محال كثيرة ، وبعثروا قبورا قديمة ، وأحرقوا من فيها من الصالحين ، حتى هموا بقبر الإمام أحمد ، فمنعهم النقيب ، وخاف من غائلة ذلك ، وتسلط على الرافضة عيار يقال له : الطقيطقي ، وكان يتتبع رءوسهم وكبارهم فيقتلهم جهارا غيلة ، وعظمت المحنة بسببه جدا ، ولم يقدر عليه أحد وكان في غاية الشجاعة والبأس والمكر ، ولما بلغ ذلك دبيس بن علي بن مزيد ، وكان رافضيا ، [ ص: 720 ] قطع خطبة الخليفة القائم بالله ، ثم روسل فأعادها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي رمضان جاءت الهدايا من الملك طغرلبك إلى الخليفة شكرا له على إنعامه إليه وإحسانه إليه بما كان بعثه له من الخلع والتقليد ، وأرسل إلى الخليفة بعشرين ألف دينار ، وإلى الحاشية بخمسة آلاف ، وإلى رئيس الرؤساء بألفي دينار ، وقد كان طغرلبك حين عمر الري وخرب فيها أماكن ليصلحها وجد فيها دفائن كثيرة من الذهب والجوهر ، فعظم شأنه بذلك ، وقوي ملكه بسببه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية