الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( والخامس : الحيض . والسادس : النفاس ) الصحيح من المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجوب الغسل بخروج دم الحيض والنفاس ، جزم به في الوجيز وغيره ، قدمه في الفروع ، والمستوعب ، والرعاية الكبرى . وغيرهم وصححه في الشرح ، وشرح المجد ، والفائق ، ومجمع البحرين ، وابن عبيدان . وغيرهم . قال ابن عقيل ، وغيره ، عن كلام الخرقي " والطهر بين الحيض والنفاس " هذا تجوز من أبي القاسم . فإن الموجب للغسل في التحقيق : هو الحيض والنفاس . وانقطاعه شرط وجوب الغسل وصحته . فسماه موجبا . انتهى .

واقتصر على هذا القول في المغني . وقيل : هذا يجب بانقطاعه ، وهو ظاهر كلام الخرقي . قال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الكبير : ومنه الحيض والنفاس إذا فرغا وانقطعا . قال في الرعاية الكبرى : هو أشهر . وقال ابن عقيل في التذكرة كقول الخرقي ، وقال ابن البنا كقول القاضي في المجرد : وانقطاع دم الحيض والنفاس . وأطلقهما ابن تميم .

تنبيه : تظهر فائدة الخلاف : إذا استشهدت الحائض قبل الطهر . فإن قلنا : [ ص: 239 ] يجب الغسل بخروج الدم : وجب غسلها للحيض ، وإن قلنا : لا يجب إلا بالانقطاع : لم يجب الغسل ; لأن الشهيدة لا تغسل . ولو لم ينقطع الدم الموجب للغسل . قاله المجد ، وابن عبيدان ، والزركشي ، وصاحب مجمع البحرين ، والفروع ، والرعاية ، وغيرهم . قال الطوفي في شرح الخرقي : وتظهر فائدة الخلاف : فيما إذا استشهدت الحائض قبل الطهر . هل تغسل للحيض ؟ فيه وجهان . إن قلنا : يجب الغسل عليها بخروج الدم : غسلت لسبق الوجوب . وإن قلنا : لا يجب إلا بانقطاع الدم : لم يجب . انتهى وقطع جماعة أنه لا يجب الغسل على القولين . منهم : المصنف ; لأن الطهر شرط في صحة الغسل ، أو في السبب الموجب له . ولم يوجد . قال الطوفي في شرحه بعدما ذكر ما تقدم وعلى هذا التفريع إشكال ، وهو أن الموت إما أن ينزل منزلة انقطاع الدم أو لا . فإن نزل منزلته لزم وجوب الغسل لتحقق سبب وجوبه وشرطه على القولين ، وإن لم ينزل منزلة انقطاع الدم فهي في حكم الحائض على القولين . فلا يجب غسلها ; لأنا إن قلنا : الموجب هو الانقطاع ، فسبب الوجوب منتف ، وإن قلنا : الموجب خروج الدم . فشرط الوجوب وهو الانقطاع منتف . والحكم ينتفي لانتفاء شرطه . انتهى .

وذكر أبو المعالي على القول الأول وهو وجوب الغسل بالخروج احتمالين ، لتحقيق الشرط بالموت ، وهو غير موجب . انتهى .

قال الزركشي : وقد ينبني أيضا على قول الخرقي : أنه لا يجب ، بل لا يصح غسل ميتة مع قيام الحيض والنفاس ، وإن لم تكن شهيدة وهو قوي في المذهب ، لكن لا بد أن يلحظ فيه : أن غسلها للجنابة قبل انقطاع دمها لا يصح ، لقيام الحدث . كما هو رأي ابن عقيل في التذكرة ، وإذا لا يصح غسل الموت لقيام الحدث كالجنابة . وإذا لم يصح لم يجب حذارا من تكليف ما لا يطاق ، والمذهب صحة غسلها للجنابة قبل ذلك ، فينتفي هذا البناء . انتهى .

[ ص: 240 ] قلت : هذا القول الذي حكاه بعدم صحة غسل الميتة : لا يلتفت إليه ، والذي يظهر : أنه مخالف للإجماع . وتقدم قريبا . وقال الطوفي في شرح الخرقي .

التالي السابق


الخدمات العلمية