الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5867 [ ص: 225 ] 243 - حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان، حدثنا سليمان، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: عطس رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقيل له، فقال: هذا حمد الله، وهذا لم يحمد الله.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة. وسفيان هو الثوري. وسليمان بن طرخان التيمي. والحديث أخرجه مسلم في آخر الكتاب عن ابن نمير وغيره، وأخرجه أبو داود في (الأدب) عن أحمد بن يونس، وعن محمد بن كثير، وأخرجه الترمذي في الاستئذان عن محمد بن يحيى، وأخرجه النسائي في (اليوم والليلة) عن إسحاق بن إبراهيم وغيره، وأخرجه ابن ماجه في الأدب عن أبي بكر بن أبي شيبة. قوله: " عطس" بفتح الطاء، يعطس، بالضم والكسر. قوله: " رجلان" روى الطبراني من حديث سهل بن سعد أنهما: عامر بن الطفيل، وابن أخيه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فشمت" من التشميت، بالمعجمة، أصله إزالة شماتة الأعداء، والتفعيل يجيء للسلب؛ نحو: جلدت البعير؛ أي: أزلت جلده، فاستعمل للدعاء بالخير، لا سيما بلفظ: "يرحمك الله"، وبالسين المهملة: الدعاء بكونه على سمت حسن، وكذا وقع بالسين في رواية السرخسي. وقال ابن الأنباري: كل داع بالخير مشمت، بالمعجمة وبالمهملة. وقال أبو عبيدة: بالمعجمة أعلى وأكثر. وقال عياض: هو كذلك للأكثرين من أهل العربية، وفي الرواية. وقال ثعلب: الاختيار أنه بالمهملة; لأنه مأخوذ من السمت، وهو القصد والطريق القويم. وقال القزاز: التسميت بالمهملة التبريك، والعرب تقول: سمته؛ إذا دعا له بالبركة، وسمت عليه؛ أي: برك عليه. قوله: " فشمت أحدهما"؛ أي: فشمت النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد الرجلين وهو الذي حمد الله، ولم يشمت الآخر، وهو الذي لم يحمد الله. قوله: " فقيل له"؛ القائل العاطس الذي لم يحمد الله. قوله: " هذا حمد الله"؛ أي: قال: الحمد لله. وقال ابن بطال وغيره عن طائفة: إنه لا يزيد على الحمد لله، كما في حديث أبي هريرة الآتي بعد بابين، وعن طائفة يقول: الحمد لله على كل حال. قالوا: جاء ذلك عن ابن عمر قال فيه: هكذا علمنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم. أخرجه البزار والطبراني، وجاء كذلك عن أبي مالك الأشعري عند الطبراني مرفوعا، وكذا جاء عن أبي هريرة عند أبي داود، وكذا جاء عن علي رفعه عند النسائي، وعن طائفة يقول: الحمد لله رب العالمين، ورد ذلك في حديث لابن مسعود أخرجه الطبراني، وورد الجمع بين اللفظين من حديث علي رضي الله تعالى عنه، قال: من قال عند عطسة سمعها: الحمد لله رب العالمين على كل حال؛ لم يجد وجع الضرس ولا الأذن أبدا ، وهذا موقوف، ورجاله ثقاة، أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومثله لا يقال بالرأي؛ فله حكم الرفع. وعن طائفة: ما زاد من الثناء فيما يتعلق بالحمد كان حسنا، وقد أخرج الطبري في التهذيب بسند لا بأس به عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها، قالت: عطس رجل عند النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فقال: الحمد لله؛ فقال له النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: يرحمك الله، وعطس آخر، فقال: الحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه؛ فقال: ارتفع هذا على هذا تسع عشرة درجة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية