الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5972 27 - حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة، حدثنا سلمة بن الأكوع قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، قال رجل من القوم: أي عامر! لو أسمعتنا من هنيهاتك، فنزل يحدو بهم يذكر:

                                                                                                                                                                                  تالله لولا الله ما اهتدينا

                                                                                                                                                                                  . وذكر شعرا غير هذا، ولكني لم أحفظه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا السائق؟ قالوا: عامر بن الأكوع، قال: يرحمه الله! وقال رجل من القوم: يا رسول الله، لولا متعتنا به. فلما صاف القوم قاتلوهم، فأصيب عامر بقائمة سيف نفسه، فمات، فلما أمسوا أوقدوا نارا كثيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذه النار؟ على أي شيء توقدون؟ قالوا: على حمر إنسية، فقال: أهريقوا ما فيها وكسروها، قال رجل: يا رسول الله، ألا نهريق ما فيها ونغسلها؟ قال: أو ذاك.


                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "يرحم الله". ويحيى القطان.

                                                                                                                                                                                  والحديث قد مضى في أول غزوة خيبر مطولا، ومضى في المظالم مختصرا، وفي الذبائح أيضا، ومضى الكلام فيه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فقال: رجل من القوم" هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. قوله: " أي عامر!" ويروى [ ص: 296 ] يا عامر، وكلاهما سواء، وعامر هو ابن الأكوع عم سلمة راوي الحديث، وقال الكرماني: وقيل: أخوه. قوله: "هنيهاتك" بضم الهاء وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وبالهاء؛ جمع هنيهة، ويروى: هنياتك، بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء آخر الحروف؛ جمع هنية تصغير هنة، وأصله: هنوة، ويروى: هناتك، بفتح الهاء وبعد الألف تاء الجمع، وهو جمع هنة، والمراد من الكل الأشعار القصار؛ كالأراجيز القصار. قوله: "يذكر" ويروى: فذكر، قيل: المذكور ليس شعرا. وأجيب بأن المقصود هو هذا المصراع وما بعده من المصاريع الأخر على ما مر في الجهاد، وقيل: قد مر أن الارتجاز بهذه الأراجيز كان في حفر الخندق، وأجيب بأنه لا منافاة بينهما؛ لجواز وقوع الأمرين جميعا. قوله: "وذكر شعرا غيره"؛ القائل بقوله: "ذكر" هو يحيى راوي الحديث، والذاكر هو يزيد بن أبي عبيد. قوله: "لولا متعتنا به"؛ أي: وجبت الشهادة له بدعائك وليتك تركته لنا. وقال ابن عبد البر: كانوا قد عرفوا أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما استرحم لإنسان قط في غزاة يخصه به إلا استشهد، فلما سمع عمر رضي الله تعالى عنه ذلك قال: لو متعتنا بعامر. قوله: "على حمر إنسية"؛ أي: أهلية. قوله: "ألا نهريق؟"؛ أي: ألا نريق، والهاء زائدة. قوله: "أو ذاك"؛ أي: افعلوا الإراقة والغسل، ولا تكسروا القدور; لأنها بالغسل تطهر.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية