الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حديث أبي أمامة : قال جعفر الفريابي : حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ، [ ص: 393 ] حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك ، عن أبيه ، عن خالد بن معدان ، عن أبي أمامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من عبد يدخل الجنة إلا ويجلس عند رأسه ورجليه ثنتان من الحور العين يغنيانه بأحسن صوت سمعه الإنس والجن ، وليس بمزامير الشيطان " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن وهب : حدثني سعيد بن أبي أيوب ، قال : قال رجل من قريش لابن شهاب : هل في الجنة سماع ; فإنه حبب إلي السماع ؟ فقال : إي والذي نفس ابن شهاب بيده ، إن في الجنة لشجرا حمله اللؤلؤ والزبرجد ، تحته جوار ناهدات يتغنين بالقرآن ، ويقلن : نحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الخالدات فلا نموت . فإذا سمع ذلك الشجر صفق بعضه بعضا ، فأجبن " الجواري " فلا يدرى أصوات الجواري أحسن أم أصوات الشجر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : وحدثنا الليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد : أن الحور يغنين أزواجهن ، يقلن : نحن الخيرات الحسان ، أزواج شباب كرام ، ونحن الخالدات فلا نموت ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، ونحن المقيمات فلا نظعن . في صدر إحداهن مكتوب : أنت حبي وأنا حبك ، انتهت نفسي عندك ، لم تر عيناي مثلك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن المبارك : حدثنا الأوزاعي ، حدثنا يحيى بن أبي كثير : أن الحور العين يتلقين أزواجهن عند أبواب الجنة ، فيقلن : طالما انتظرناكم ، نحن [ ص: 394 ] الراضيات فلا نسخط . فذكره كما تقدم ، وفيه : وتقول : أنت حبي وأنا حبك ، ليس دونك مقصد ، ولا وراءك معدل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وهذه الآثار كلها رواها ابن أبي الدنيا وغيره ، وفيها نظر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا إبراهيم بن سعيد ، حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا سعيد بن أبي سعيد الحارثي ، قال : حدثت أن في الجنة آجاما من قصب من ذهب ، حملها اللؤلؤ ، فإذا اشتهى أهل الجنة أن يسمعوا صوتا حسنا بعث الله على تلك الآجام ريحا ، فتأتيهم بكل صوت يشتهونه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم هذا عن أبي سعيد الخدري ، وهو وهم . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية