الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا ( 100 ) ) .

قوله تعالى : ( لو أنتم ) : في موضع رفع بأنه فاعل لفعل محذوف ; وليس بمبتدأ ; لأن " لو " تقتضي الفعل كما تقتضيه " إن " الشرطية ، والتقدير : لو تملكون ، فلما حذف الفعل صار الضمير المتصل منفصلا . و " تملكون " الظاهرة : تفسير للمحذوف .

( لأمسكتم ) : مفعوله محذوف ; أي أمسكتم الأموال . وقيل : هو لازم بمعنى بخلتم .

( خشية ) : مفعول له ، أو مصدر في موضع الحال .

قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا ( 101 ) ) .

قوله تعالى : ( بينات ) : صفة لآيات ، أو لتسع .

( إذ جاءهم ) : فيه وجهان :

أحدهما : هو مفعول به باسأل على المعنى ; لأن المعنى اذكر لبني إسرائيل إذ جاءهم . وقيل : التقدير : اذكر إذ جاءهم ، وهي غير ما قدرت به اسأل .

والثاني : هو ظرف ، وفي العامل فيه أوجه ; أحدها : آتينا ، والثاني : قلنا مضمرة ; أي فقلنا له سل . والثالث : قل . تقديره : قل لخصمك : سل بني إسرائيل ; والمراد به فرعون ; أي قل يا موسى ; وكان الوجه أن يقول : إذ جئتهم ; فرجع من الخطاب إلى الغيبة .

قال تعالى : ( قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا ( 102 ) ) .

قوله تعالى : ( لقد علمت ) : بالفتح على الخطاب ; أي علمت ذلك ، ولكنك عاندت ، وبالضم ; أي أنا غير شاك فيما جئت به .

( بصائر ) : حال من هؤلاء ، وجاءت بعد إلا ، وهي حال مما قبلها لما ذكرنا في هود عند قوله : ( وما نراك اتبعك ) [ هود : 27 ] .

قال تعالى : ( وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا ( 104 ) ) . قوله تعالى : ( لفيفا ) : حال بمعنى جميعا .

[ ص: 139 ] وقيل : هو مصدر كالنذير والنكير ; أي مجتمعين .

قال تعالى : ( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ( 105 ) ) .

قوله تعالى : ( وبالحق أنزلناه ) : أي وبسبب إقامة الحق ; فتكون الباء متعلقة بأنزلنا .

ويجوز أن يكون حالا ; أي أنزلناه ومعه الحق ، أو فيه الحق .

ويجوز أن يكون حالا من الفاعل ; أي أنزلناه ومعنا الحق .

و ( بالحق نزل ) : فيه الوجهان الأولان دون الثالث ; لأنه ليس فيه ضمير لغير القرآن .

قال تعالى : ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ( 106 ) ) .

قوله تعالى : ( وقرآنا ) : أي وآتيناك قرآنا ، دل على ذلك : ( ولقد آتينا موسى تسع آيات ) : [ الإسراء : 105 ] فعلى هذا " فرقناه " في موضع نصب على الوصف ; ويجوز أن يكون التقدير : وفرقنا قرآنا ; وفرقناه تفسير لا موضع له ، وفرقنا ; أي في أزمنة ; وبالتخفيف ; أي شرحناه .

( على مكث ) : في موضع الحال ; أي متمكثا . والمكث بالضم والفتح : لغتان ، وقد قرئ بهما ، وفيه لغة أخرى : كسر الميم .

قال تعالى : ( ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ( 109 ) ) .

قوله تعالى : ( للأذقان ) : فيه ثلاثة أوجه ; أحدها : هي حال ، تقديره : ساجدين للأذقان . والثاني : هي متعلقة بيخرون ، واللام على بابها ; أي مذلون للأذقان . والثالث : هي بمعنى " على " فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من " يبكون " ، و " يبكون " حال .

وفاعل ( يزيدهم ) : القرآن ، أو المتلو ، أو البكاء ، أو السجود .

قال تعالى : ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ( 110 ) ) .

قوله تعالى : ( أيا ما ) : أيا منصوب بـ " تدعو " . وتدعو مجزوم بـ " أيا " وهي شرط فأما " ما " فزائدة للتوكيد . وقيل : هي شرطية ، كررت لما اختلف اللفظان .

قال تعالى : ( وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا ( 111 ) ) .

قوله تعالى : ( من الذل ) : أي من أجل الذل .

التالي السابق


الخدمات العلمية