الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ( 19 ) ) .

قوله تعالى : ( ومن عنده ) : فيه وجهان ; أحدهما : أن تكون " من " معطوفة على " من " الأولى ، والأولى مبتدأ ، و " له " الخبر ; أو هي مرفوعة بالظرف ; فعلى هذا " لا يستكبرون " : حال ; إما من " من " الأولى ، أو الثانية على قول من رفع بالظرف ، أو من الضمير في الظرف الذي هو الخبر ، أو من الضمير في عنده . والوجه الثاني : أن تكون " من " الثانية مبتدأ ، و " لا يستكبرون " الخبر .

[ ص: 202 ] قال تعالى : ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ( 20 ) ) .

قوله تعالى : ( يسبحون ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من ضمير الفاعل قبلها .

و ( لا يفترون ) : حال من ضمير الفاعل في " يسبحون " .

قال تعالى : ( أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون ( 21 ) ) .

قوله تعالى : ( من الأرض ) : هو صفة لآلهة ; أو متعلق باتخذوا ، على معنى ابتداء غاية الاتخاذ .

قال تعالى : ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ( 22 ) ) .

قوله تعالى : ( إلا الله ) : الرفع على أن " إلا " صفة بمعنى غير ; ولا يجوز أن يكون بدلا ; لأن المعنى يصير إلى قولك : لو كان فيهما الله لفسدتا ; ألا ترى أنك لو قلت : ما جاءني قومك إلا زيد ، على البدل لكان المعنى : جاءني زيد وحده .

وقيل : يمتنع البدل ، لأن ما قبلها إيجاب ; ولا يجوز النصب على الاستثناء لوجهين ; أحدهما : أنه فاسد في المعنى ; وذلك أنك إذا قلت : لو جاءني القوم إلا زيدا لقتلتهم - كان معناه أن القتل لكون زيد مع القوم ، فلو نصبت في الآية لكان المعنى إن فساد السماوات والأرض امتنع لوجود الله تعالى مع الآلهة ، وفي ذلك إثبات إله مع الله .

وإذا رفعت على الوصف لا يلزم مثل ذلك ; لأن المعنى : لو كان فيهما غير الله لفسدتا .

والوجه الثاني : أن آلهة هنا نكرة ; والجمع إذا كان نكرة لم يستثن منه عند جماعة من المحققين ; لأنه لا عموم له بحيث يدخل فيه المستثنى لولا الاستثناء .

قال تعالى : ( أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ( 24 ) ) .

قوله تعالى : ( ذكر من معي ) : الجمهور على الإضافة .

وقرئ بالتنوين على أن تكون " من " في موضع نصب بالمصدر .

ويجوز أن تكون في موضع رفع على إقامة المصدر مقام ما لم يسم فاعله .

[ ص: 203 ] ويقرأ كذلك إلا أنه بكسر الميم . والتقدير : هذا ذكر من كتاب معي ، ومن كتاب قبلي ، ونحو ذلك فحذف الموصوف .

قوله تعالى : ( الحق ) : الجمهور على النصب بالفعل قبله .

وقرئ بالرفع على تقدير حذف مبتدأ .

قال تعالى : ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون ( 26 ) لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ( 27 ) ) قوله تعالى : ( بل عباد ) : أي هم عباد .

( مكرمون ) بالتخفيف والتشديد .

و ( يسبقونه ) : صفة في موضع رفع .

قال تعالى : ( ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ( 29 ) ) .

قوله تعالى : ( فذلك ) : في موضع رفع بالابتداء .

وقيل : في موضع نصب بفعل دل عليه " نجزيه " والجملة جواب الشرط .

و ( كذلك ) : في موضع نصب بـ " نجزي " أي جزاء مثل ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية