الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإذا بلغت المسجد فاذكر أنها العرصة التي اختارها الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم ولأول المسلمين وأفضلهم عصابة وأن فرائض الله سبحانه أول ما أقيمت في تلك العرصة ، وأنها جمعت أفضل خلق الله حيا وميتا فليعظم أملك في الله سبحانه أن يرحمك بدخولك إياه فادخله خاشعا معظما .

وما أجدر هذا المكان بأن يستدعي الخشوع من قلب كل مؤمن كما حكي عن أبي سليمان أنه قال : حج أويس القرني رضي الله عنه ودخل المدينة فلما وقف على باب المسجد قيل له : هذا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فغشي عليه فلما أفاق ، قال : أخرجوني فليس يلذ لي بلد فيه محمد صلى الله عليه وسلم مدفون .

وأما زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي أن تقف بين يديه كما وصفنا وتزوره ميتا كما تزوره حيا ولا تقرب من قبره إلا كما كنت تقرب من شخصه الكريم لو كان حيا .

وكما كنت ترى الحرمة في أن لا تمس شخصه ، ولا تقبله ، بل تقف من بعد ماثلا بين يديه فكذلك فافعل فإن المس والتقبيل للمشاهد عادة النصارى واليهود .

واعلم أنه عالم بحضورك وقيامك وزيارتك وأنه يبلغه سلامك وصلاتك فمثل صورته الكريمة في خيالك موضوعا في اللحد بإزائك وأحضر عظيم رتبته في قلبك فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى ، وكل بقبره ملكا يبلغه سلام من سلم عليه من أمته وهذا في حق من لم يحضر قبره فكيف بمن فارق الوطن وقطع البوادي شوقا إلى لقائه واكتفى بمشاهدة مشهده الكريم إذ فاته مشاهدة غرته الكريمة وقد قال صلى الله عليه وسلم من صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه عشرا فهذا جزاؤه في الصلاة عليه بلسانه فكيف بالحضور لزيارته ببدنه ؟ ثم ائت منبر الرسول صلى الله عليه وسلم وتوهم صعود النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ومثل في قلبك طلعته البهية كأنها على المنبر .

وقد أحدق به المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم وهو صلى الله عليه وسلم يحثهم على طاعة الله عز وجل بخطبته وسل الله عز وجل أن لا يفرق في القيامة بينك وبينه فهذه وظيفة القلب في أعمال الحج .

فإذا فرغ منها كلها فينبغي أن يلزم قلبه الحزن والهم والخوف وأنه ليس يدري أقبل منه حجه ، وأثبت في زمرة المحبوبين أم رد حجه وألحق بالمطرودين وليتعرف ذلك من قلبه وأعماله فإن صادف قلبه قد ازداد تجافيا عن دار الغرور وانصرافا إلى دار الأنس بالله تعالى ووجد أعماله قد اتزنت بميزان الشرع فليثق بالقبول فإن الله تعالى لا يقبل إلا من أحبه ، ومن أحبه تولاه وأظهر عليه آثار محبته وكف عنه سطوة عدوه إبليس لعنه الله .

فإذا ظهر ذلك عليه دل على القبول ، وإن كان الأمر الآخر بخلافه فيوشك أن يكون حظه من سفره العناء والتعب نعوذ بالله سبحانه وتعالى من ذلك .

تم ، كتاب أسرار الحج يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب آداب تلاوة القرآن .

كتاب آداب تلاوة القرآن .

التالي السابق


(فإذا بلغت المسجد) المكرم حيث كان يصلي فيه النبي صلى الله عليه وسلم (فاذكر) في نفسك (أنها) هي (العرصة) ، أي الساحة (التي اختارها الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم ولأول المسلمين وأفضلهم عصابة) يشير به إلى حضرة الصديق رضي الله عنه ، (وأن فرائض الله تعالى التي فرضها على عباده أول ما أقيمت في تلك العرصة، ثم انتشرت بعد إلى أقطار الأرض، وأنها جمعت أفضل خلق الله حيا وميتا) ، وهذا نهاية الشرف، (فليعظم أملك) أيها المحب (في أن يرحمك بدخولك إياه) ، أي: المسجد، (فادخله) برجلك اليمنى ذاكرا الله تعالى مصليا عليه صلى الله عليه وسلم (خاشعا) بقلبك وجوارحك (معظما) له ولمقامه .

(وما أجدر هذا المكان بأن يستدعى الخشوع من قلب كل مؤمن) ، والدموع من عينه، (كما حكي عن أبي سليمان) الداراني رحمه الله، (أنه قال: حج أويس) بن عامر (القرني) بالتحريك نسبة إلى بطن من مراد، (ودخل المدينة ) زائرا، (فلما وقف على باب المسجد قيل: إن هذا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فغشي عليه فلما أفاق، قال: أخرجوني فليس يلذ لي بلد فيه محمد صلى الله عليه وسلم مدفون) .

وكان أويس من المستغرقين في حبه صلى الله عليه وسلم، وأخباره في ذلك مشهورة، وترجمته واسعة، وقد أورد قصة اجتماعه بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مسلم في أواخر صحيحه، (وأما زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي أن تقف بين يديه كما وصفنا) آنفا، (وتزوره ميتا كما تزوره حيا) بكمال الاحترام والأدب التام والخشوع والخضوع، (ولا تقرب من قبره) الشريف (إلا كما كنت تقرب من شخصه الكريم لو كان حيا) .

وقد تقدم أن الأولى أن يكون بينه وبين القبر الشريف نحو أربعة أذرع، (وكما كنت ترى الحرمة) ، أي: الاحترام (في أن لا تمس شخصه، ولا تقبله، بل تقف من بعيد) على قدر مقامك منه، (ماثلا بين يديه فكذلك فافعل بجدار قبره) الشريف .

ولقد حكي عن الإمام النووي رحمه الله تعالى أنه لما أتى إلى مصر لزيارة قبر الشافعي - رضي الله عنه - وقف عند باب القرافة من بعيد ونزل عن الجمل، وذلك بحيث يرى القبة الشريفة وسلم عليه فقيل له: ألا تتقدم، فقال: لو كان الشافعي حيا ما كان مقامي أن أتقرب منه إلا على هذا من المسافة أو كما قال، هذه ملاحظة العارفين في حق أحبار هذه الأمة فكيف به صلى الله عليه وسلم، ولا تنظر ما أكب عليه العامة الآن وقبل الآن من رفع أصواتهم عند دخولهم للزيارة وتراميهم على شباك الحجرة الشريفة، وتقبيلهم إياه (فإن المس والتقبيل للمشاهد من عادة النصارى واليهود ) .

وقد ورد النهي عن ذلك فليحذر منه (ثم اعلم) وتحقق (أنه صلى الله عليه وسلم عالم بحضورك) بين يديه، (وقيامك ولزيارتك) له (وأنه يبلغه سلامك وصلاتك) وهداياك، (فمثل صورته الكريمة في خيالك) بما كان عليها في حياته، (موضوعا في اللحد) الشريف (بإذائك) معتقدا حياته صلى الله عليه وسلم، وأنه في قبره الشريف طري كما وضع، (وأحضر عظيم مرتبته في قلبك) على قدر معرفتك به .

(فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى، وكل بقبره ملكا يبلغه سلام من سلم عليه من أمته، (قال العراقي: رواه النسائي وابن حبان، والحاكم، وصححه من حديث ابن مسعود بلفظ أن له ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام اهـ .

قلت: وكذلك رواه أحمد (هذا فيمن لم يحضر قبره) الشريف، وكان في الأقطار البعيدة، (فكيف بمن فارق الوطن) والأهل والعيش الناعم ؟ (وقطع البوادي) والعقاب [ ص: 458 ] (شوقا إلى لقائه، واكتفاء بمشاهدة مشهده الكريم إذ فاتته مشاهدة غرته الكريمة) في دار الدنيا، (وقد قال صلى الله عليه وسلم: ومن صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا ) ، قال العراقي: رواه مسلم من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمر اهـ .

قلت: ورواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان، عن أبي هريرة ورواه الطبراني في الكبير عن ابن عمر وابن عمرو وأبي موسى وعن أنس، عن أبي طلحة، ورواه البيهقي عن أبي طلحة بزيادة: فليكثر عبد من ذلك أو ليقل، وروى الطبراني عن أبي أمامة بزيادة: بها ملك موكل حتى يبلغنيها، (فهذا جزاء المصلي عليه بلسانه) بأن يصلي الله عليه أضعافا مضاعفة، (فكيف الحضور لزيارته ببدنه ؟) فمجازاته الإلهية لا تكيف (ثم ائت منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم) بعد الزيارة، (وتوهم) في نفسك (صعود النبي صلى الله عليه وسلم) ذلك (المنبر) الشريف حالة خطبه، (ومثل في قلبك طلعته البهية) ، وشمائله الزكية حالة كونه (قائما على) ذلك (المنبر، وقد أحدق به المهاجرون والأنصار ) وسائر أصحابه الكرام من غيرهم (وهو صلى الله عليه وسلم يحثهم على طاعة الله عز وجل) ، والائتمار بأوامره (بخطبته) الشريفة بكمال فصاحته، وقوة بلاغته وجزالة لفظه .

(واسأل الله عز وجل أن لا يفرق في) يوم (القيامة بينك وبينه) فإن الدعاء عند المنبر مستجاب (فهذه وظيفة القلب في أعمال الحج فإذا فرغ منها كلها) ، ويسر الله له ذلك (فينبغي أن يلزم (لسانه الحمد والشكر على هذه النعمة التي لا مزيد عليها، ويلزم (قلبه الهم والحزن والخوف فإنه ليس يدري أقبل منه حجه، وأثبت في زمرة المحبوبين) المقربين، (أم رد حجه) عليه، (والحق بالمطرودين) عن الحضرة الإلهية، وهل لذلك علامة يتميز بها المقبول من المردود ؟ أشار المصنف إلى ذلك بقوله، (وليعرف ذلك من قلبه وأعماله) فإن كلا منهما أول دليل على حضور ومرتبة التمييز (فإن صادف قلبه قد ازداد تجافيا) وبعدا (عن دار الغرور) ، وهي الدنيا فإنها تغر بأهلها فتوقعهم في المهالك، (وانصرافا إلى دار الأنس بالله عز وجل) ، وهي الدار الآخرة فإنها هي الحيوان (ووجد أعماله قد اتزنت بميزان الشرع) ، أي: يكون صدورها في الاعتدال الشرعي (فليثق بالقبول فإن الله تعالى لا يقبل إلا من أحبه، ومن أحبه تولاه وأظهر عليه آثار محبته) ، وتلك الآثار هي العلامات الدالة على توليه إياه، (وكف عنه سطوة عدوه إبليس) إذ ولاية الله له هي الحصن المانع من كيوده، وهذا هو المعبر عنه بالحفظ فهو لأوليائه كالعصمة لأنبيائه .

قال الشيخ الأكبر قدس سره: أخبرني بعض الأولياء من أهل الله أن بعض الشيوخ رأى إبليس، فقال له: كيف حالك مع الشيخ أبي مدين ؟ فقال: ما شبهت نفسي فيما نلقى إليه في قلبه إلا كشخص وقف على شاطئ البحر المحيط فبال فيه فقيل: لم تبول فيه ؟ قال: حتى أنجسه فلا تقع به الطهارة، فهل رأيتم أسخف من هذا الشخص ؟ كذلك أنا وقلب أبي مدين فما ألقيت عليه أمرا إلا قلب عينه (فإذا ظهر ذلك عليه دل على القبول، وإن كان لأمر بخلافه فيوشك أن يكون حظه من سفره العناء والتعب) لا غير (نعوذ بالله من ذلك) .



خاتمة .

أحببت أن أورد فيها حكاية الشبلي مع بعض أصحابه متضمنة لاعتبارات أعمال الحج من أولها إلى الآخر ذكرها الشيخ الأكبر قدس سره في كتاب الشريعة، قال: قال صاحب الشبلي: قال لي الشبلي: عقدت الحج ؟ فقلت: نعم، فقال لي: فسخت بعقدك كل عقد عقدته منذ خلقت مما يضاد ذلك العقد ؟ فقلت: لا، فقال لي: ما عقدت نزعت ثيابك ؟ قلت: نعم، فقال لي: تجردت من كل شيء ؟ فقلت: لا، فقال لي: ما نزعت، تطهرت ؟ قلت: نعم، قال: زال عنك كل علة بطهرك ؟ قلت: لا، قال: ما تطهرت، لبيت ؟ قلت: نعم، قال: وجدت جواب التلبية بتلبيتك مثله ؟ قلت: لا، فقال: ما لبيت، دخلت الحرم ؟ قلت: نعم، قال: اعتقدت في دخولك الحرم ترك كل محرم ؟ قلت: لا، قال: ما دخلت الحرم، قال: أشرفت على مكة ؟ قلت: نعم، قال: أشرف عليك حال من الحق لإشرافك مكة ؟ قلت: لا، فقال: ما أشرفت على مكة، دخلت المسجد ؟ قلت: نعم، فقال: دخلت في قربه من حيث علمت، قلت: لا، قال: ما دخلت المسجد ؟ قال: رأيت الكعبة ؟ قلت: نعم، قال: رأيت ما قصدت له ؟ فقلت: لا، قال: ما رأيت الكعبة ؟ قال: رحلت ثلاثا ومشيت أربعا ؟ فقلت: نعم، فقال لي: هربت من الدنيا هربا علمت أنك فاصلتها وانقطعت عنها، ووجدت بمشيك الأربع أمنا [ ص: 459 ] مما هربت عنه فازددت لله شكرا لذلك ؟ قلت: لا، قال: ما رملت، صافحت الحجر وقبلته ؟ قلت: نعم، فزعق زعقة، وقال: ويحك إنه قد قيل: إن من صافح الحجر فقد صافح الحق سبحانه، ومن صافحه فهو في محل الأمن، أظهر عليك أثرا لأمن؟ قلت: لا، قال: ما صافحت، وقفت الوقفة بين يدي الله عز وجل خلف المقام وصليت ركعتين ؟ قلت: نعم، قال: وقفت على مكانتك من ربك فأديت قصدك ؟ قلت: لا، قال: فما صليت، خرجت إلى الصفا فوقفت بها ؟ قلت: نعم، قال: إيش عملت ؟ قلت: كبرت سبعا، وذكرت الحج، وسألت الله القبول، فقال لي: كبرت بتكبيرك الملائكة، ووجدت حقيقة تكبيرك في ذلك المكان ؟ قلت: لا، قال: ما كبرت، نزلت من الصفا ؟ قلت: نعم، قال: زال عنك كل علة حتى صفيت ؟ قلت: لا، فقال: ما صعدت ولا نزلت، هرولت، قلت: نعم، قال: ففررت إليه، وبرئت من فرارك، ووصلت إلى وجودك ؟ قلت: لا، قال: ما هرولت، وصلت إلى المروة ؟ قلت: نعم، قال: رأيت السكينة على المروة فأخذتها إذ نزلت عليك ؟ قلت: لا، قال: ما وصلت إلى المروة، خرجت إلى منى ؟ قلت: نعم، قال: تمنيت على الله غير الحال الذي عصيته فيها ؟ قلت: لا، قال: ما خرجت إلى منى، دخلت مسجد الخيف ؟ قلت: نعم، قال: خفت الله في دخولك وخروجك ووجدت من الخوف ما لا تجده إلا فيه ؟ قلت: لا، قال: ما دخلت مسجد الخيف، دخلت إلى عرفات ؟ قلت: نعم، قال: وقفت بها؟ قلت: نعم، قال: عرفت الحال التي خلقت من أجلها، والحال التي نريدها، والحال التي تصير إليها، وعرفت المعرف لك هذه الأحوال، ورأيت المكان الذي إليه الإشارات فإنه هو الذي نفس الأنفاس في كل حال ؟ قلت: لا، قال: ما وقفت بعرفات، نفرت إلى المزدلفة ؟ قلت: نعم، قال: رأيت المشعر الحرام ؟ قلت: نعم، قال: ذكرت الله ذكرا أنساك ذكر ما سواه فاستقللت به ؟ قلت: لا، قال: ما وقفت بالمزدلفة، دخلت منى ؟ فقلت: نعم، قال: ذبحت ؟ قلت: نعم، قال: نفسك ؟ قلت: لا، قال: ما ذبحت، رميت ؟ قلت: نعم، قال: رميت جهلك عنك بزيادة علم ظهر عليك ؟ قلت: لا، قال: ما رميت، زرت ؟ قلت: نعم، قال: كوشفت بشيء من الحقائق، ورأيت زيادات الكرامات عليك للزيارة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحاج والعمار زوار لله، وحق على المزور أن يكرم زواره، قلت: لا، قال: ما زرت، أحللت ؟ قلت: نعم، قال: عزمت على أكل الحلال ؟ قلت: لا، قال: ما أحللت، ودعت ؟ قلت: نعم، قال: خرجت من نفسك وروحك بالكلية ؟ قلت: لا، قال: ما ودعت وعليك العود فانظر كيف تحج بعد هذا فقد عرفت، وإذا حججت فاجتهد أن تكون كما وصفت لك .

قال الشيخ الأكبر: إنما سقنا هذه الحكاية تنبيها، وتذكرة، وإعلاما أن طريق أهل الله على هذا مضى حالهم فيه، والشبلي هكذا كان إدراكه في حجه فإنه ما سأل إلا عن ذوقه، هل أدركه غيره أم لا ؟ وغيره قد يدرك ما هو أعلى منه، وأدون منه فما منهم إلا من له مقام معلوم، والأذواق تتفاوت بحسب ما تكون عناية الله بالعبد في ذلك. انتهى .

وبهذا تم شرح كتاب أسرار الحج من الأحياء، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما في سائر الشؤون، والاعتبارات .

فرغت منه في الساعة الخامسة من ليلة الاثنين ثامن شهر ربيع الثاني سنة 1198 سائلا من الله، ومتضرعا أن يكشف كربي ويشفي مريضي ويحسن عواقبي، ويصلح فساد قلبي إنه سميع قريب مجيب، حامدا مصليا مسلما مستغفرا محسبلا .




الخدمات العلمية