الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثامن أن يقول في مبتدأ قراءته أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون وليقرأ قل أعوذ برب الناس وسورة الحمد لله وليقل عند فراغه من القراءة صدق الله تعالى وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم انفعنا به وبارك لنا فيه الحمد لله رب العالمين وأستغفر الله الحي القيوم .

التالي السابق


(الثامن أن يقول في مبتدإ قراءته أعوذ بالله) من الشيطان الرجيم هذا صفته المختارة قاله النووي، والأصل في سنية التعوذ قبل القراءة قوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم أي أردت قراءته، وذهب قوم إلى أنه يتعوذ بعدها لظاهر الآية، وقوم إلى وجوبها لظاهر الآية .

قال النووي: وكان جماعة من السلف يقولون في التعوذ أعوذ بالله (السميع العليم من الشيطان الرجيم) ، ونقل السيوطي في الإتقان عن حمزة أستعيذ ونستعيذ واستعذت، واختاره صاحب الهداية من الحنفية لمطابقته لفظ القرآن، وعن حميد بن قيس أعوذ بالله القادر من الشيطان الغادر، وعن ابن السماك أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي، وعن قوم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم، وفيها ألفاظ أخر .

وقال الحلواني في جامعه: ليس للاستعاذة حد ينتهى إليه، من شاء زاد، ومن شاء نقص، وفي النشر لابن الجزري المختار عند أئمة القراءة الجهر بالتعوذ إظهارا لشعائر القراءة كالجهر بالتلبية، وتكبيرات العيد، ومن فوائده أن السامع ينصت للقراءة من أولها لا يفوته منها شيء، وإذا أخفى التعوذ لم يعلم السامع بها إلا بعد أن فاته شيء من المقروء وهذا المعنى هو الفارق بين القراءة في الصلاة وخارجها .

واختلف المتأخرون في المراد بإخفائه فالجمهور على أن المراد الإسرار فلا بد من التلفظ وإسماع نفسه وقيل الكتمان بأن يذكره بقلبه بلا تلفظ قال: وهل الاستعاذة سنة كفاية أو عين؟ حتى لو قرأ جماعة جملة فهل يكفي استعاذة [ ص: 491 ] واحد منهم؟ كالتسمية على الأكل، أو لا، لم أر فيه نصا، والظاهر الثاني; لأن المقصود اعتصام القارئ، والنجاة بالله من شر الشيطان فلا يكون تعوذ واحد كافيا عن آخر اهـ .

ولا بد من المحافظة على البسملة بعد الاستعاذة أول كل سورة غير براءة وتتأكد عند قراءة نحو إليه يرد علم الساعة، وهو الذي أنشأ جنات معروشات لما في ذكر ذلك بعد الاستعاذة من البشاعة وإبهام رجوع الضمير إلى الشيطان كذا في الإتقان واستحسن بعض السلف أن يقول بعد التعوذ المذكور ( رب أعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون وليقرأ قل أعوذ برب الناس ) إلى آخر السورة فإنها من أحسن ما يتحصن به من وسواس الشياطين (وسورة الحمد) فإنها الجامعة المانعة، (وليقل عند فراغه من كل سورة صدق الله) العظيم وبلغ رسوله النبي الكريم، ونحن على ذلك من الشاهدين، أو يقول صدق الله، (وبلغ رسول الله) صلى الله عليه وسلم وليدع بما أحب والأحسن أن يقول: (اللهم انفعنا به وبارك لنا فيه) ، ثم يقول عقيبه: (والحمد لله رب العالمين وأستغفر الله الحي القيوم) ، أو أستغفر الله العظيم، كل ذلك نقله صاحب القوت .




الخدمات العلمية