الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2369 ص: وقد روي عن جماعة من المتقدمين ما يوافق ما ذهبنا إليه في اختلاف صلاة الإمام والمأمومين، فمن ذلك: ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم: "في الرجل يصلي بقوم هي له الظهر ولهم العصر، قال: يعيدون ولا يعيد".

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر ، قال: سمعت يونس بن عبيد يقول: "جاء عباد الناجي إلى المسجد في يوم مطر فوجدهم يصلون العصر، فصلى معهم وهو يظن أنهما الظهر، ولم يكن صلى الظهر، فلما صلوا فإذا هي العصر، فأتى الحسن، فسأله عن ذلك فأمره أن يصليهما جميعا".

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد بن عامر ، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة ، قال: كان الحسن وابن سيرين يقولان: "يصليهما جميعا"

                                                [ ص: 293 ] قال: وحدثنا أبو معشر ، عن النخعي قال: "يصليهما جميعا".

                                                حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا سعيد ، قال: عن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال: "يصلي الظهر ثم يصلي العصر".

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين ما يوافق ما ذهبنا إليه في اختلاف صلاة الإمام والمأمومين وفساد صلاة المأمومين عند الاختلاف.

                                                فأخرج من الصحابة عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، ومن التابعين عن إبراهيم النخعي والحسن البصري ومحمد بن سيرين .

                                                أما أثر النخعي فأخرجه بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن مرزوق ، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد ، عن سفيان الثوري ، عن منصور بن المعتمر ، عن إبراهيم النخعي .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا أبو بكر بن عياش ، عن مغيرة ، عن إبراهيم "في رجل يصلي بقوم الظهر وهي له العصر، قال: تمت صلاته ويعيد من خلفه".

                                                وأما أثر الحسن البصري فأخرجه من طريقين:

                                                أحدهما: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن سعيد بن عامر الضبعي ، عن يونس بن عبيد ، عن عباد بن منصور الناجي -بالنون والجيم نسبة إلى ناجية بن سامة قبيلة كبيرة- أبي سلمة البصري، فعن يحيى: ليس بشيء وكان يرمى بالقدر.

                                                وقال أبو حاتم : كان ضعيف الحديث. وقال النسائي : ضعيف وليس بحجة استشهد به البخاري وروى له الأربعة.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا ابن علية ، عن عباد بن منصور [ ص: 294 ] قال: "انتهيت إلى المسجد الجامع وأنا أرى أنهم لم يصلوا الظهر، فقمت أتطوع حتى أقيمت الصلاة، فلما صلوا إذا هي العصر، فقمت فصليت معهم الظهر ثم صليت العصر، ثم أتيت الحسن، فذكرت ذلك له، فأمرني بمثل الذي صنعت".

                                                والآخر: فيه عن ابن سيرين أيضا، عن إبراهيم بن مرزوق ، عن سعيد بن عامر الضبعي ، عن سعيد بن أبي عروبة . . . إلى آخره.

                                                وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه": عن أبي أسامة ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب والحسن قالا: "في رجل دخل مع قوم في صلاة العصر وهو يحسبهم في صلاة الظهر فإذا هم في صلاة العصر، قالا: يستقبل الصلاتين جميعا".

                                                قوله: "كان يصليهما" أي الظهر والعصر جميعا، أراد أنه إذا صلى الظهر وراء من يصلي العصر يعيدهما جميعا.

                                                قوله: "وحدثنا أبو معشر " وهو زياد بن كليب أحد مشايخ أبي حنيفة ثقة كبير روى له مسلم وأبو داود والنسائي .

                                                وأما أثر عبد الله بن عمر فأخرجه بإسناد حسن، عن إبراهيم بن مرزوق ، عن سعيد بن عامر الضبعي ، عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبي عبد الرحمن القرشي العدوي العمري المدني. وعن أحمد : لا بأس به يكتب حديثه. وعن ابن معين: صويلح، روى له مسلم مقرونا بغيره، والأربعة.

                                                قوله: "يصلي الظهر ثم يصلي العصر" أراد أنه إذا صلى الظهر وراء من يصلي العصر فإنه يعيد الظهر والعصر جميعا، والله أعلم.

                                                [ ص: 295 ]



                                                الخدمات العلمية