الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فوائد :

إحداها : اختار الشيخ تقي الدين رحمه الله صحة شرط : أن لا يتزوج عليها ، أو إن تزوج عليها فلها أن تطلق نفسها . الثانية : ظاهر كلام الإمام أحمد رحمه الله في رواية أبي الحارث صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالا على أن لا يتزوج . أما الزوج : فمطلقا . وأما الزوجة : فبعد موت زوجها . ومن لم يف بالشرط لم يستحق العوض ; لأنها هبة مشروطة بشرط . فتنتفي بانتفائه . وقال المجد في شرحه : لو شرط أحد الزوجين على الآخر أن لا يتزوج بعده . فالشرط باطل في قياس المذهب . ووجهه : أنه ليس في ذلك غرض صحيح ، بخلاف حال الحياة . واقتصر في الفروع على ذكر رواية أبي الحارث . وتقدم في باب الموصى له " لو أوصى لأم ولده على أن لا تتزوج " . [ ص: 156 ]

الثالثة : قال للشيخ تقي الدين رحمه الله : لو خدعها فسافر بها ، ثم كرهته : لم يكن أن يكرهها بعد ذلك . قال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع : هذا إذا لم تسقط حقها : واضح . أما لو أسقطت حقها من الشرط : احتمل أن يكون لها الرجوع فيه ، كهبة حقها من القسم . واحتمل أن لا يكون لها العودة فيه كما لو أسقطت حقها من بعض مهرها المسمى . والفرق واضح . فذكره . انتهى .

قلت : الصواب أنها إذا أسقطت حقها يسقط مطلقا . وقال أيضا : لو شرط أن لا يخرجها من منزل أبويها فمات الأب . فالظاهر : أن الشرط يبطل . ويحتمل أن لا يخرجها من منزل أمها إلا أن تتزوج الأم . ولو تعذر سكنى المنزل ، لخراب أو غيره . فهل يسقط حقها من الفسخ بنقلها عنه ؟ أفتيت بأنه إن نقلها إلى منزل ترتضيه هي ، فلا فسخ . وإن نقلها إلى منزل لا ترتضيه ، فلها الفسخ . ولم أقف فيه على نقل . انتهى .

قلت : الصواب أن له أن يسكن بها حيث أراد ، سواء رضيت أو لا . لأنه الأصل ، والشرط عارض ، وقد زال . فرجعنا إلى الأصل . وهو محض حقه . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن شرط لها أن يسكنها بمنزل أبيه ، فسكنت . ثم طلبت سكنى منفردة ، وهو عاجز : لا يلزمه ما عجز عنه ، بل لو كان قادرا ليس لها على قول في مذهب الإمام أحمد رحمه الله غير ما شرطت لها . قال في الفروع : كذا قال . قال : والظاهر أن مرادهم صحة الشرط في الجملة بمعنى ثبوت الخيار لها بعدمه ، لا أنه يلزمها ; لأنه شرط لحقها لمصلحتها ، لا لحقه لمصلحته ، حتى يلزم في حقها . ولهذا لو سلمت نفسها من شرطت دارها فيها أو في داره : لزم . انتهى .

[ ص: 157 ] وقال ابن القيم رحمه الله في الهدي : الشرط العرفي كالمشروط لفظا . وأطال في ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية