الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن زوج عبده حرة ، ثم باعها العبد بثمن في الذمة : تحول صداقها ، أو نصفه إن كان قبل الدخول إلى ثمنه ) . يعني إذا قلنا : وتعلق المهر برقبة العبد . قاله الأصحاب . فأما إن قلنا : يتعلق بذمة السيد وهو المذهب . كما تقدم : فإن كان المهر وثمن العبد من جنس واحد ، واتفقا في الحلول أو التأجيل : تقاصا . وأما إن قلنا : إن المهر يتعلق بذمتيهما : فإنه يسقط . على الصحيح من المذهب . قدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم . لملكها العبد . والمالك لا يجب له شيء على مملوكه . والسيد تبع له ; لأنه ضامن . ويبقى الثمن للسيد عليها لسقوط مهرها . وقيل : لا يسقط ، لثبوته لها عليهما قبل أن تملكه . قال في الفروع وغيره : بناء على من ثبت له دين على عبد ثم ملكه . فإن في سقوطه وجهين . قال في المحرر : أصلهما من ثبت له دين على عبد ثم ملكه ، هل يسقط ؟ على وجهين . وقدم في المحرر وغيره : السقوط . وقاله في الرعايتين ، والحاوي . وقيل : لا يسقط ، لثبوته لها قبل شرائه . فمن ثبت له على عبد دين ، أو أرش جنابة ، ثم ملكه : سقط . وقيل : لا يسقط . وتقدم ذلك في أواخر باب الحجر [ ص: 260 ]

تنبيه :

صرح المصنف بقوله " تحول صداقها ، أو نصفه " أن شراءها له قبل الدخول : لا يسقط نصف مهرها . وهو إحدى الروايتين . وهو ظاهر ما قدمه في الفروع . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة هنا . وقدمه في الرعايتين هنا . والحاوي الصغير .

والرواية الثانية : يسقط ; لأن الفسخ إنما تم بشرائها ، فكأنها هي الفاسخة . وهما وجهان مطلقان في المغني ، والشرح . ويأتي هذا محررا في كلام المصنف فيما إذا جاءت الفرقة من جهتها . قوله ( وإن باعها إياه بالصداق : صح ، قبل الدخول وبعده ) . هذا المذهب . نص عليه . وعليه جماهير الأصحاب . منهم أبو بكر ، والقاضي . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في المحرر ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع وغيرهم . ويحتمل أن لا يصح قبل الدخول . وهو رواية ذكرها في الفروع ، والمستوعب ، وقال : لأنها متى ملكته انفسخ النكاح ، قال : فعلى هذا يجب أن لا يصح شراؤها لزوجها قبل الدخول ; لأنه مبطل مهرها ; لأن الفرقة بسبب من جهتها . وإذا بطل المهر بطل الشراء . قال : وهذه إحدى مسائل الدور . قال : وعلى الأولة : السيد قائم مقام الزوج في توفية المهر ، فصارت الفرقة مشتركة بين الزوج والزوجة . وإذا كان كذلك : غلب فيها حكم الزوج كالخلع . وإذا ثبت أن الفسخ من جهة الزوج : فعليه نصف المهر . فيصح البيع . ويغرم النصف الآخر . كما لو قبضت جميع الصداق ، ثم طلقت قبل الدخول ; فإنها ترد نصفه . انتهى .

[ ص: 261 ] قال في الفروع : واختار ولد صاحب الترغيب : أنه إن تعلق برقبته أو ذمته ، وسقط ما في الذمة بملك طارئ : برئت ذمة السيد . فعلى هذا : يلزم الدور . فيكون في الصحة ، بعد الدخول ، الروايتان قبله . انتهى فعلى المذهب وهو الصحة في رجوعه قبل الدخول بنصفه ، أو بجميعه : الروايتان المتقدمتان .

فائدة :

لو جعل السيد العبد مهرها : بطل العقد كمن زوج ابنه على رقبة من يعتق على الابن لو ملكه . إذ نقدره له قبلها . فيقدر الملك فيمن يعتق على الابن للابن قبل الزوجة . وقيل : عقد الزوجية إذا دخل في ملكه هو قبلها : عتق عليه دونها .

التالي السابق


الخدمات العلمية