الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2427 249 \ 2317 - وعن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص قال nindex.php?page=hadith&LINKID=673995لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألم أحدث أنك تقول: لأقومن الليل ولأصومن النهار؟ قال: أحسبه قال: نعم يا رسول الله، قد قلت ذاك قال nindex.php?page=treesubj&link=2548_32978_32981_2476_31957_31962قم ونم وصم وأفطر، وصم من كل شهر ثلاثة أيام، وذاك مثل صيام الدهر قال قلت: يا رسول الله، إني أطيق أفضل من ذلك، قال: فصم يوما وأفطر يومين قال: فقلت: إني أطيق أفضل من ذلك قال: فصم يوما وأفطر يوما، وهو أعدل الصيام وهو صيام داود قلت: إني أطيق أفضل من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك [ ص: 126 ] وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي
قال ابن القيم رحمه الله: وهو نص في أن nindex.php?page=treesubj&link=2548صوم يوم وفطر يوم أفضل من سرد الصيام، ولو كان سرد الصيام مشروعا أو مستحبا لكان أكثر عملا، فيكون أفضل؛ إذ العبادة لا تكون إلا راجحة، فلو كان عبادة لم يكن مرجوحا.
وقد تأول قوم هذا على أن المعنى: لا أفضل من ذلك للمخاطب وحده، لما علم من حاله ومنتهى قوته، وأن ما هو أكثر من ذلك يضعفه عن فرائضه، ويقطعه عن القيام بما عليه من الحقوق، وهذا تأويل باطل من وجوه.
أحدها: أن سياق الحديث يرده، فإنه إنما كان عن المطيق، فإنه قال: " فإني أطيق أفضل من ذلك " فسبب الحديث في المطيق، فأخبره أنه لا أفضل من ذلك للمطيق، الذي سأل.
ولو أن رجلا سأل من يفضل السرد.
وقال: إني أطيق أفضل من صوم يوم وفطر يوم ؟ لقال له: السرد أفضل.
الثاني: أنه أخبر عنه بثلاث جمل: إحداها: أنه أعدل الصيام.
والثانية: أنه صوم داود.
والثالثة: أنه لا أفضل منه.
وهذه الأخبار تمنع تخصيصه بالسائل.
الثالث: أن في بعض ألفاظ مسلم فيه: " فإني أقوى.
قال: فلم يزل [ ص: 127 ] يرفعني، حتى قال: صم يوما وأفطر يوما، فإنه أفضل الصيام، وهو صوم أخي داود "، فعلل ذلك بكونه أفضل الصيام، وأنه صوم داود، مع إخباره له بقوته، ولم يقل له: فإن قويت فالسرد أفضل.
الرابع: أن هذا موافق لقوله فيمن صام الأبد: " nindex.php?page=hadith&LINKID=663068لا صام ولا أفطر "، ومعلوم أن السائل لم يسأله عن الصوم المحرم الذي قد استقر تحريمه عندهم، ولو قدر أنه سأله عنه لم يكن ليجيب عنه بقوله: " لا صام ولا أفطر " بل كان يجيب عنه بصريح النهي.
والسياق يدل على أنه إنما سأله عن الصوم المأذون فيه، لا الممنوع منه، ولا يعبر عن صيام الأيام الخمسة، وعن المنع منها بقوله: " nindex.php?page=hadith&LINKID=678209لا صام من صام الأبد "، ولا هذه العبارة مطابقة للمقصود، بل هي بعيدة منه جدا.
الخامس: أنه صلى الله عليه وسلم أخبر " nindex.php?page=hadith&LINKID=651063أن أحب الصيام إلى الله: صيام داود، وأحب القيام إلى الله قيام داود "، وأخبر بهما معا.
ثم فسره بقوله: " nindex.php?page=hadith&LINKID=653167كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوما، ويفطر يوما " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم.
وهذا صريح في أنه إنما كان أحب إلى الله لأجل هذا الوصف، وهو ما يتخلل الصيام والقيام من الراحة التي تجم لها نفسه، ويستعين بها على القيام بالحقوق.