الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا تبايع أهل الحرب بالربا في دار الحرب ، ثم خرجوا فأسلموا ، أو صاروا ذمة ، قبل أن يتقابضوا ، أو يقبض أحدهما ، ثم اختصموا في ذلك أبطلته ، لأن العصمة الثابتة بالإحراز كما تمنع ابتداء العقد ، تمنع القبض بحكم العقد ، وفوات القبض المستحق بالعقد مبطل للعقد ، ، والأصل فيه قوله تعالى { : وذروا ما بقي من الربا } ، وسببه مروي عن مكحول قال { أسلم ثقيف بشرط أن لا يدعوا الربا ، وكان بنو عمرو بن عوف يأخذوا الربا من بني المغيرة ، وبنو المغيرة يربون ذلك ، فلما كان بعد الفتح بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد رضي الله عنه إلى مكة أميرا فطلب بنو عمرو بن عوف ما بقي لهم من الربا ، وأبى ذلك بنو المغيرة فاختصموا إلى عتاب رضي الله عنه ، فكتب فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله الآية ، وكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب رضي الله عنه ، وأمره أن يأمرهم بأن يدعوا لهم ما بقي من الربا أو يستعدوا للحرب ، } فعرفنا أن الإسلام يمنع القبض ، كما يمنع ابتداء العقد ، وكذلك لو اختصموا بعد التقابض في دار الإسلام ، فإنهم يؤمرون برد ذلك ; لأن التقابض بعد العصمة بالإحراز كان باطلا شرعا ، وكذلك المسلم يبايع الحربي بذلك في دار الحرب ، ثم أسلم الحربي ، وخرج إلى دارنا قبل التقابض فإن خاصمه في ذلك إلى القاضي أبطله ، وإن كانا تقابضا في دار الحرب ، ثم اختصما لم أنظر فيه ، ويستوي إن كان المسلم أخذ الدرهمين بالدرهم ، أو الدرهم بالدرهمين ; لأنه طيب نفس الكافر بما أعطاه ، قل ذلك ، أو كثر ، وأخذ ماله بطريق الإباحة كما قررنا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية