nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13تلك حدود الله قيل : الإشارة بـ ( تلك ) إلى القسمة المتقدمة في المواريث . والأولى أن تكون إشارة إلى الأحكام السابقة في أحوال اليتامى والزوجات والوصايا والمواريث ، وجعل هذه الشرائع حدودا ، لأنها مؤقتة للمكلفين لا يجوز لهم أن يتعدوها إلى غيرها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : حدود الله طاعته . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : شروطه . وقيل : فرائضه . وقيل : سننه . وهذه
[ ص: 192 ] أقوال متقاربة . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ) لما أشار تعالى إلى حدوده التي حدها قسم الناس إلى عامل بها مطيع ، وإلى غير عامل بها عاص . وبدأ بالمطيع ؛ لأن الغالب على من كان مؤمنا بالله تعالى الطاعة ، إذ السورة مفتتحة بخطاب الناس عامة ، ثم أردف بخطاب من يتصف بالإيمان إلى آخر المواريث ، ولأن قسم الخير ينبغي أن يبتدأ به وأن يعتنى بتقديمه . وحمل أولا على لفظ من في قوله : يطع ، و يدخله ، فأفرد ، ثم حمل على المعنى في قوله : خالدين . وانتصاب خالدين على الحال المقدرة ، والعامل فيه يدخله ، وصاحب الحال هو ضمير المفعول في يدخله . قال
ابن عطية : وجمع ( خالدين ) على معنى من بعد أن تقدم الإفراد مراعاة للفظ من ، وعكس هذا لا يجوز . انتهى . وما ذكر أنه لا يجوز من تقدم الحمل على المعنى ثم على اللفظ - جائز عند النحويين ، وفي مراعاة الحملين تفصيل وخلاف مذكور في كتب النحو المطولة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وانتصب خالدين و خالدا على الحال . فإن قلت : هل يجوز أن يكونا صفتين ل جنات و نارا ؟ قلت : لا ، لأنهما جريا على غير من هما له ، فلا بد من الضمير وهو قولك : خالدين هم فيها ، وخالدا هو فيها . انتهى . وما ذكره ليس مجمعا عليه ، بل فرع على مذهب
البصريين . وأما عند
الكوفيين فيجوز ذلك ، ولا يحتاج إلى إبراز الضمير إذا لم يلبس على تفصيل لهم في ذلك ذكر في النحو . وقد جوز ذلك في الآية
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، و
التبريزي أخذ بمذهب
الكوفيين . وقرأ
نافع وابن عامر : ( ندخله ) هنا ، وفي : ( ندخله نارا ) بنون العظمة . وقرأ الباقون : بالياء عائدا على الله تعالى . قال
الراغب : ووصف الفوز بالعظم اعتبار بفوز الدنيا الموصوف بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قل متاع الدنيا قليل والصغير والقليل في وصفهما متقاربان . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ) لما ذكر ثواب مراعي الحدود ذكر عقاب من يتعداها ، وغلظ في قسم المعاصي ، ولم يكتف بالعصيان بل أكد ذلك بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14ويتعد حدوده ، وناسب الختم بالعذاب المهين ، لأن العاصي المتعدي للحدود برز في صورة من اغتر وتجاسر على معصية الله . وقد تقل المبالاة بالشدائد ما لم ينضم إليها الهوان ، ولهذا قالوا : المنية ولا الدنية . قيل : وأفرد خالدا هنا ، وجمع في خالدين فيها ، لأن أهل الطاعة أهل الشفاعة ، وإذا شفع في غيره دخلها ، والعاصي لا يدخل النار به غيره ، فبقي وحيدا . انتهى . وتضمنت هذه الآيات من أصناف البديع : التفصيل في الوارث والأنصباء بعد الإبهام في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7للرجال نصيب الآية ، والعدول من صيغة ( يأمركم الله ) إلى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم ) ؛ لما في الوصية من التأكيد والحرص على اتباعها . والطباق في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11للذكر مثل حظ الأنثيين ، وفي : من يطع ومن يعص ، وإعادة الضمير إلى غير مذكور لقوة الدلالة على ذلك في قوله : مما ترك ، أي : ترك الموروث . والتكرار في لفظ ( كان ) ، وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فريضة من الله ، إن الله ، وفي : ولدا ، و أبواه ، وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12من بعد وصية يوصى بها أو دين ، وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وصية من الله إن الله ، وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13حدود الله ، وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14الله ورسوله . وتلوين الخطاب في : من قرأ : ندخله بالنون . والحذف في مواضع .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ قِيلَ : الْإِشَارَةُ بِـ ( تِلْكَ ) إِلَى الْقِسْمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمَوَارِيثِ . وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ إِشَارَةً إِلَى الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ فِي أَحْوَالِ الْيَتَامَى وَالزَّوْجَاتِ وَالْوَصَايَا وَالْمَوَارِيثِ ، وَجَعَلَ هَذِهِ الشَّرَائِعَ حُدُودًا ، لِأَنَّهَا مُؤَقَّتَةٌ لِلْمُكَلَّفِينَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَتَعَدُّوهَا إِلَى غَيْرِهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : حُدُودُ اللَّهِ طَاعَتُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : شُرُوطُهُ . وَقِيلَ : فَرَائِضُهُ . وَقِيلَ : سُنَنُهُ . وَهَذِهِ
[ ص: 192 ] أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) لَمَّا أَشَارَ تَعَالَى إِلَى حُدُودِهِ الَّتِي حَدَّهَا قَسَّمَ النَّاسَ إِلَى عَامِلٍ بِهَا مُطِيعٍ ، وَإِلَى غَيْرِ عَامِلٍ بِهَا عَاصٍ . وَبَدَأَ بِالْمُطِيعِ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ تَعَالَى الطَّاعَةُ ، إِذِ السُّورَةُ مُفْتَتَحَةٌ بِخِطَابِ النَّاسِ عَامَّةً ، ثُمَّ أَرْدَفَ بِخِطَابِ مَنْ يَتَّصِفُ بِالْإِيمَانِ إِلَى آخِرِ الْمَوَارِيثِ ، وَلِأَنَّ قِسْمَ الْخَيْرِ يَنْبَغِي أَنْ يُبْتَدَأَ بِهِ وَأَنْ يُعْتَنَى بِتَقْدِيمِهِ . وَحُمِلَ أَوَّلًا عَلَى لَفْظِ مَنْ فِي قَوْلِهِ : يُطِعِ ، وَ يُدْخِلْهُ ، فَأَفْرَدَ ، ثُمَّ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ : خَالِدِينَ . وَانْتِصَابُ خَالِدِينَ عَلَى الْحَالِ الْمُقَدَّرَةِ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ يُدْخِلْهُ ، وَصَاحِبُ الْحَالِ هُوَ ضَمِيرُ الْمَفْعُولِ فِي يُدْخِلْهُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَجَمَعَ ( خَالِدِينَ ) عَلَى مَعْنَى مَنْ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ الْإِفْرَادُ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مَنْ ، وَعَكْسُ هَذَا لَا يَجُوزُ . انْتَهَى . وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْ تَقَدُّمِ الْحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى ثُمَّ عَلَى اللَّفْظِ - جَائِزٌ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ ، وَفِي مُرَاعَاةِ الْحَمْلَيْنِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ النَّحْوِ الْمُطَوَّلَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَانْتَصَبَ خَالِدِينَ وَ خَالِدًا عَلَى الْحَالِ . فَإِنْ قُلْتَ : هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا صِفَتَيْنِ لِ جَنَّاتٍ وَ نَارًا ؟ قُلْتُ : لَا ، لِأَنَّهُمَا جَرَيَا عَلَى غَيْرِ مَنْ هُمَا لَهُ ، فَلَا بُدَّ مِنَ الضَّمِيرِ وَهُوَ قَوْلُكَ : خَالِدِينَ هُمْ فِيهَا ، وَخَالِدًا هُوَ فِيهَا . انْتَهَى . وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ ، بَلْ فُرِّعَ عَلَى مَذْهَبِ
الْبَصْرِيِّينَ . وَأَمَّا عِنْدَ
الْكُوفِيِّينَ فَيَجُوزُ ذَلِكَ ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى إِبْرَازِ الضَّمِيرِ إِذَا لَمْ يُلْبِسْ عَلَى تَفْصِيلٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ ذُكِرَ فِي النَّحْوِ . وَقَدْ جَوَّزَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ، وَ
التِّبْرِيزِيُّ أَخَذَ بِمَذْهَبِ
الْكُوفِيِّينَ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ : ( نُدْخِلْهُ ) هُنَا ، وَفِي : ( نُدْخِلْهُ نَارًا ) بِنُونِ الْعَظَمَةِ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ : بِالْيَاءِ عَائِدًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ
الرَّاغِبُ : وَوَصْفُ الْفَوْزِ بِالْعِظَمِ اعْتِبَارٌ بِفَوْزِ الدُّنْيَا الْمَوْصُوفِ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالصَّغِيرُ وَالْقَلِيلُ فِي وَصْفِهِمَا مُتَقَارِبَانِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) لَمَّا ذَكَرَ ثَوَابَ مُرَاعِي الْحُدُودِ ذَكَرَ عِقَابَ مَنْ يَتَعَدَّاهَا ، وَغَلَّظَ فِي قِسْمِ الْمَعَاصِي ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِالْعِصْيَانِ بَلْ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ ، وَنَاسَبَ الْخَتْمَ بِالْعَذَابِ الْمُهِينِ ، لِأَنَّ الْعَاصِيَ الْمُتَعَدِّيَ لِلْحُدُودِ بَرَزَ فِي صُورَةِ مَنِ اغْتَرَّ وَتَجَاسَرَ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ . وَقَدْ تَقِلُّ الْمُبَالَاةُ بِالشَّدَائِدِ مَا لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهَا الْهَوَانُ ، وَلِهَذَا قَالُوا : الْمَنِيَّةُ وَلَا الدَّنِيَّةُ . قِيلَ : وَأَفْرَدَ خَالِدًا هُنَا ، وَجَمَعَ فِي خَالِدِينَ فِيهَا ، لِأَنَّ أَهْلَ الطَّاعَةِ أَهْلُ الشَّفَاعَةِ ، وَإِذَا شَفَعَ فِي غَيْرِهِ دَخَلَهَا ، وَالْعَاصِي لَا يَدْخُلُ النَّارَ بِهِ غَيْرَهُ ، فَبَقِيَ وَحِيدًا . انْتَهَى . وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ مِنْ أَصْنَافِ الْبَدِيعِ : التَّفْصِيلَ فِي الْوَارِثِ وَالْأَنْصِبَاءِ بَعْدَ الْإِبْهَامِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=7لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ الْآيَةَ ، وَالْعُدُولَ مِنْ صِيغَةِ ( يَأْمُرُكُمُ اللَّهُ ) إِلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ ) ؛ لِمَا فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ التَّأْكِيدِ وَالْحِرْصِ عَلَى اتِّبَاعِهَا . وَالطِّبَاقَ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَفِي : مَنْ يُطِعْ وَمَنْ يَعْصِ ، وَإِعَادَةَ الضَّمِيرِ إِلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ لِقُوَّةِ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : مِمَّا تَرَكَ ، أَيْ : تَرَكَ الْمَوْرُوثُ . وَالتَّكْرَارَ فِي لَفْظِ ( كَانَ ) ، وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ ، وَفِي : وَلَدًا ، وَ أَبَوَاهُ ، وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ ، وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ ، وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13حُدُودُ اللَّهِ ، وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14اللَّهَ وَرَسُولَهُ . وَتَلْوِينَ الْخِطَابِ فِي : مَنْ قَرَأَ : نُدْخِلْهُ بِالنُّونِ . وَالْحَذْفَ فِي مَوَاضِعَ .