الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا اشترى الرجل دارين صفقة واحدة وشفيعهما واحد فأراد أخذ إحداهما دون الأخرى فليس له ذلك ، وكذلك لو كانت أرضين ، أو قرية وأرضها ، أو قريتين وأرضيهما ، وهو شفيع ذلك كله بأرض واحدة ، أو بأرضين ، أو بدار واحدة ، أو بدور ، فإنما له أن يأخذ ذلك كله ، أو يدع وقال زفر له أن يأخذ إحداهما دون الأخرى ، والدور المتلازقة وغير المتلازقة في مصر واحد أو مصرين في ذلك سواء بعد أن يكون ذلك صفقة واحدة فزفر يقول : يثبت له حق الأخذ في كل واحدة منهما ، وليس في أخذ إحداهما ضرر على المشتري ; لأن إحداهما تنفصل عن الأخرى ، فهو كما لو كان العقد في كل واحدة منهما صفقة على حدة ، ولكنا نقول المشتري ملكهما صفقة واحدة وفي أخذ إحداهما تفريق الصفقة عليه وكما لا يملك المشتري في حق البائع تفريق الصفقة بقبول العقد في إحداهما دون الأخرى فكذلك لا يملك الشفيع ذلك في حق المشتري بخلاف ما إذا كان العقد في صفقتين ، وهذا ; لأن الإنسان قد يشتري دارين ورغبته ومنفعته في إحداهما ، فإذا أخذ الشفيع تلك دون الأخرى تضرر المشتري باختيار الشفيع ، والشفيع لا يملك إلحاق الضرر بالمشتري فيما يأخذ بالشفعة ولم يذكر في الكتاب أنه إذا كان شفيعا لإحداهما دون الأخرى فكان أبو حنيفة أولا يقول في هذه المسألة : له أن يأخذهما جميعا ، أو يدع ; لأن الشفعة تثبت له في إحداهما ولو أخذها وحدها تفرقت الصفقة على المشتري فيثبت حقه في الأخرى حكما لدفع الضرر عن المشتري ، ثم رجع ، فقال : لا يأخذ [ ص: 160 ] واحدة منهما ; لأنه لا يمكن إثبات الشفعة له في إحداهما بدون السبب ، وفي الأخرى ; لما فيه من تفريق الصفقة على المشتري ، ثم رجع ، فقال : يأخذ الذي هو شفيعها خاصة ، وهو قول أبي يوسف ومحمد بمنزلة ما لو اشترى عبدا ودارا صفقة واحدة كان للشفيع أن يأخذ الدار بالشفعة دون العبد ، وهذا ; لأن تفرق الصفقة هنا لم يكن باختيار الشفيع ، بل هو بمعنى حكمي ، وهو أنه لم يتمكن من إحداهما لانعدام السبب في إحداهما بخلاف ما إذا كان شفيعا لهما جميعا . والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية