الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3892 - " خذوا عني؛ خذوا عني؛ قد جعل الله لهن سبيلا ؛ البكر بالبكر جلد مائة؛ ونفي سنة؛ والثيب بالثيب جلد مائة والرجم"؛ (حم م هـ)؛ عن عبادة بن الصامت ؛ (صح) .

التالي السابق


(خذوا عني) ؛ أي: خذوا الحكم في حد الزنا عني؛ ذكره القاضي ؛ وقال القرطبي : أي: افهموا عني تفسير السبيل المذكور في قوله (تعالى): واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت ؛ الآية؛ واعملوا به؛ وذلك أن مقتضى الآية أن من زنى حبس في بيته حتى يموت؛ وبه قال ابن عباس في النساء؛ وابن عمر فيهما؛ فكان هو حد الزنا؛ لأن به يحصل الإيلام والعقوبة؛ بأن يمنع من التصرف؛ والنكاح؛ حتى يموت؛ فذلك حده؛ غير أن ذلك الحكم كان ممدودا إلى غاية؛ وهو أن يبين الله لهن سبيلا غير الحبس؛ فلما بلغ وقت بيانه المعلوم عند الله؛ لنبيه؛ فبلغه لأصحابه؛ فقال: "خذوا عني"؛ وعدى الأخذ بـ "عن"؛ دون "من"؛ الذي هو الأصل؛ لأنه لما كان الأمر صادرا عنه؛ أعطاه معناه؛ أو لأنه أعطى فعل الأخذ معنى الرواية؛ أي: ارووا حكم الزنا عني؛ وهذا خرج مخرج التنبيه؛ والتأكيد؛ إذ هو لم يبعث إلا ليؤخذ عنه؛ (خذوا عني) ؛ قال الطيبي : تكرير "خذوا"؛ يدل على ظهور أمر كان خفي شأنه؛ واهتم به؛ (قد جعل الله لهن) ؛ أي: للنساء الزواني؛ على حد: حتى توارت بالحجاب ؛ (سبيلا) ؛ أي: خلاصا عن إمساكهن في البيوت؛ المأمور به في سورة النور؛ يعني: جعل لهن طريقا يخلصن بها من الحبس فيها؛ (البكر بالبكر) ؛ بكسر الباء؛ في الأصل: من لم توطأ؛ والمراد هنا: من لم يزوج من الرجال؛ والنساء؛ كذا في المحرر؛ (جلد مائة) ؛ أي: ضربه مائة ضربة؛ (ونفي سنة) ؛ عن البلد الذي وقع الزنا فيه؛ (والثيب بالثيب) ؛ في الأصل: من تزوج؛ ودخل؛ من ذكر؛ أو أنثى؛ والمراد هنا: المحصن؛ يعني إذا زنى بكر ببكر؛ وثيب بثيب ؛ فحذف ذلك اختصارا؛ لدلالة السياق عليه؛ (جلد مائة والرجم) ؛ بالحجارة؛ إلى أن يموت؛ فرجم المحصن واجب بإجماع المسلمين؛ قال القرطبي : ولا التفات لإنكار الخوارج ؛ والنظام؛ إما لكونهم غير مسلمين عند من يكفرهم؛ وإما لأنهم لا يعتد بخلافهم؛ وأخذ الظاهرية بظاهر هذا الخبر؛ وأوجبوا الجمع بين الجلد والرجم ؛ واقتصروا على الرجم؛ [ ص: 435 ] لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقتصر على رجم ماعز ؛ فهو ناسخ؛ وللرجم شروط أخرى؛ ودلائل أخرى؛ مبينة في الفروع؛ وفيه حجة للشافعي في وجوب نفي المرأة؛ وقال مالك : لا تنفى؛ خوف الفساد؛ فيخص عموم التغريب بالمصلحة؛ وقال أبو حنيفة : لا نفي مطلقا؛ لأن نص الكتاب الجلد؛ والتغريب زيادة عليه؛ والزيادة على النص نسخ؛ فيلزم نسخ القرآن بخبر الواحد؛ ورد بما هو مبسوط في الفروع.

(حم م 4) ؛ في الحدود؛ كلهم؛ (عن عبادة بن الصامت ) ؛ قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك؛ وتربد له وجهه؛ فأنزل عليه؛ فلقي ذلك؛ ثم سري عنه؛ فقال: "خذوا عني..." ؛ إلخ؛ ولم يخرج البخاري عن عبادة شيئا.




الخدمات العلمية