الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو قال : أبيعك هذه الحنطة على أنها أقل من كر فاشتراها على ذلك فوجدها أقل من كر فالبيع جائز ; لأن المعقود عليه صار معلوما بالإشارة إليه ووجده على شرطه الذي سماه في العقد ، والثمن معلوم بالتسمية فيجوز العقد ، وإن وجدها كرا أو أكثر من كر أو كرا فالبيع فاسد ; لأن العقد إنما يتناول بعض الموجود ، وهو أقل من كر كما سمي وذلك مجهول ; لأنه لا يدري أن المشترى أقل من الكر بقفيز أو قفيزين ، وهذه الجهالة تقتضي المنازعة ، وكذلك لو قال : على أنها أكثر من كر فإن وجدها أكثر من كر بقليل أو كثير فالبيع جائز ; لأنه وجدها على شرطه ، والبيع يتناول جميعا ، وإن وجدها أقل من كر فالبيع فاسد ; لأنه لا يدري ما حصة ما نقص منها مما شرط له فإنه لا بد من إسقاط حصة النقصان من الثمن ، وذلك مجهول جهالة تفضي إلى المنازعة .

ولو قال : على أنها كر ، وأقل منه فإن وجدها كرا أو أقل منه فهو جائز ; لأنه وجدها على شرطه ، وإن وجدها أكثر من كر لزم المشتري من ذلك كر ، وليس للبائع أن ينقصه من ذلك شيئا ; لأنه لو وجدها كرا كان الكل مستحقا للمشتري فإن وجدها أكثر أولى أن يكون مقدار الكر مستحقا للمشتري ، والزيادة على الكر للبائع ; لأن البيع لا يتناولها ، ولو قال : على أنها كر أو أكثر فوجدها كذلك جاز البيع ، وإن وجدها أقل فالمشتري بالخيار إن شاء أخذ الموجود بحصته من الثمن إذا قسم على كر ، وإن شاء ترك ; لأن استحقاقه إنما يثبت في مقدار الكر بدليل أنه لو وجدها كرا لزمه جميع الثمن ، ولا خيار له فإذا كان أنقص من كر فقدر النقصان معلوم ، وحصته من الثمن معلومة فيسقط ذلك عن المشتري ويتخير ; لتفرق الصفقة عليه .

والحاصل أن حرف أو ; للتخيير [ ص: 13 ] فإنما يثبت الاستحقاق عند ذكر حرف أو في المقدار المعلوم في نفسه سواء ردد الكلام بين ما هو معلوم في نفسه ، والزيادة عليه أو النقصان عنه إلا أن في ذكر النقصان للبائع فائدة ، وهو أن لا يخاصمه إن وجده أقل فهو بمنزلة البراءة من العيب وفي ذكر الزيادة للمشتري فائدة ، وهو أن لا يلزمه رد شيء إذا وجده أكثر .

التالي السابق


الخدمات العلمية