الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وإن nindex.php?page=treesubj&link=24174كان للمأذون [ ص: 18 ] جارية من تجارته فقتل قتيلا خطأ فإن شاء المأذون دفعها ، وإن شاء فداها إن كان عليه دين أو لم يكن ; لأن التدبير في كسبه إليه ، وهو في التصرف بمنزلة الحر في التصرف في ملكه فيخاطب بالدفع أو الفداء بخلاف جنايته بنفسه فالتدبير في رقبته ليس إليه .
( ألا ترى ) أنه لا يملك بيع رقبته ويملك بيع كسبه فإن كانت الجناية نفسا وقيمة الجارية ألف درهم ففداه المأذون بعشرة آلاف فهو جائز في قياس قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، ولا يجوز في قولهما ; لأن من أصلهما : أن nindex.php?page=treesubj&link=24156_24174المأذون لا يملك الشراء بما لا يتغابن الناس في مثله وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يملك ذلك فيطهرها من الجناية باختيار الفداء بمنزلة شرائها بما يفديها به على القولين أو بمنزلة ما لو دفعها إلى أولياء الجناية ثم اشتراها منهم بمقدار الفداء ، وإن كانت الجناية عمدا فوجب القصاص عليها فصالح المأذون عنها جاز .
وإن nindex.php?page=treesubj&link=24710_15556_24155كان المأذون هو القاتل فصالح عن نفسه وعليه دين أوليس عليه دين لم يجز الصلح ; لما بينا أنه في التدبير في كسبه بمنزلة الحر في ملكه ، وفي التدبير في نفسه هو بمنزلة المحجور عليه فلا يجوز صلحه في حق المولى ; لأنه يلتزم المال بما ليس بمال ، وهو غير منفك الحجر عنه في ذلك ، ولكن التزامه في حق نفسه صحيح فيسقط القود بهذا الصلح ، ويجب المال في ذمته ، ويؤاخذ به بعد العتق بمنزلة مال التزمه بالكفالة أو بالنكاح .