الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفة ابن عباس رضي الله عنه

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان جسيما إذا قعد يأخذ مكان رجلين ، جميلا له وفرة ، قد شاب مقدم رأسه ، وشابت لمته ، وكان يخضب بالحناء ، وقيل : بالسواد . حسن الوجه ، [ ص: 111 ] يلبس حسنا ويكثر من الطيب ، بحيث إنه كان إذا مر في الطريق تقول النساء : هذا ابن عباس . أو : رجل معه مسك ، وكان وسيما أبيض ، طويلا ، صبيحا ، فصيحا ، ولما عمي اعترى لونه صفرة يسيرة ، وقد كان بنو العباس عشرة ، وهم الفضل ، و عبد الله ، و عبيد الله ، و معبد ، و قثم ، و عبد الرحمن ، و كثير ، و الحارث ، و عون ، و تمام ، وكان أصغرهم تمام ; ولهذا كان العباس يحمله ويقول :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تموا بتمام فصاروا عشره يا رب فاجعلهم كراما برره     واجعلهم ذكرا وأنم الثمره



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فأما الفضل فمات بأجنادين شهيدا ، وعبد الله بالطائف ، و عبيد الله باليمن ، و معبد ، و عبد الرحمن بإفريقية ، ، و قثم ، و كثير بينبع وقيل : إن قثم مات بسمرقند .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال مسلم بن قمادين المكي مولى بني مخزوم : ما رأيت مثل بني أم واحدة أشرافا ، ولدوا في دار واحدة ، أبعد قبورا من بني أم الفضل ، ثم ذكر مواضع قبورهم ، كما تقدم . إلا أنه قال : الفضل مات بالمدينة ، ، و عبيد الله بالشام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد كان عبد الله بن عباس يلبس الحلة بألف درهم ، وكان له من الولد [ ص: 112 ] العباس ، و علي ، ويدعى السجاد ; لكثرة صلاته ، وكان أجمل قرشي على وجه الأرض ، وقد قيل : إنه كان يصلي كل يوم ألف ركعة . وقيل في الليل والنهار مع الجمال التام . وعلى هذا فهو أبو الخلفاء العباسيين ، ففي ولده كانت الخلافة العباسية ، كما سيأتي ، وكان لابن عباس أيضا محمد ، و الفضل ، و عبد الله ، و لبابة ، وأمهم زرعة بنت مسرح بن معديكرب . وأسماء وهي لأم ولد . وكان له من الموالي عكرمة ، و كريب ، و أبو معبد ، و شعبة ، و دقيق ، و أبو عمرة ، و أبو عبيد ، و مقسم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد أسند ألفا وستمائة وسبعين حديثا . والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي أبو شريح الخزاعي العدوي الكعبي ، اختلف في اسمه على أقوال ; أصحها خويلد بن عمرو ، أسلم عام الفتح ، وكان معه أحد ألوية بني كعب الثلاثة . قال محمد بن سعد : مات في هذه السنة ، وله أحاديث .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأبو واقد الليثي ، صحابي جليل مختلف في اسمه وفي شهوده بدرا . قال الواقدي : توفي سنة ثمان وستين ، عن خمس وستين سنة ، وكذا قال غير [ ص: 113 ] واحد في تاريخ وفاته ، وزعم بعضهم أنه عاش سبعين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكانت وفاته بمكة بعدما جاور بها سنة ، ودفن في مقابر المهاجرين . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      حميد بن ثور الهلالي ، الشاعر المشهور ، قال الشعر في أيام عمر ، وهو من فحول الشعراء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية