الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ، وكذا الخلاف في كي ورقية وتعويذة وتميمة ، وعنه : يكره قبل الألم ( م 5 ) فقط . [ ص: 172 ] وفي كراهة التفل والنفخ في الرقية روايات ، الثالثة يكره التفل [ ص: 173 ] م 6 ) ويحرم ذلك بغير لسان عربي ، وقيل : يكره ، وكذا الطلسم ، وأما التميمة وهي عوذة أو خرزة أو خيط ونحوه فنهى الشارع عنه ، ودعا [ ص: 174 ] على فاعله ، وقال : { لا تزيدك إلا وهنا انبذها عنك ، لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا } روى ذلك أحمد وغيره ، والإسناد حسن ، قال القاضي وغيره : يحرم ذلك .

                                                                                                          وقال : شبه النبي صلى الله عليه وسلم تعليق التميمة بمثابة أكل الترياق وقول الشعر ، وهما محرمان .

                                                                                                          وقال أيضا : يجوز حمل الأخبار على اختلاف حالين ، فمنهي إذا كان يعتقد أنها هي النافعة له والدافعة عنه ، وهذا لا يجوز ; لأن النافع هو الله ، والموضع الذي أجازه إذا اعتقد أن الله هو النافع الدافع ، ولعل هذا خرج على عادة الجاهلية كما كانت تعتقد أن الدهر يضرهم فكانوا يسبونه ، وقال : إنما كره ذلك إذا لم ينزل به البلاء ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص في ذلك عند الحاجة ، وكره أحمد قطع الباسور ، زاد ابن هانئ : كراهية شديدة ، وإن خيف منه التلف حرم ، وإن خيف من تركه جاز ، وأطلق بعضهم الجواز كأكلة وبط ، نص عليهما ، زاد بعضهم فيهما : مع ظن السلامة ، ونص أحمد على معناه ، ولا بأس بكتب قرآن أو ذكر ويسقى منه مريض وحامل لعسر الولد ، نص عليه ، لقول ابن عباس .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 5 ) .

                                                                                                          قوله : وكذا الخلاف في كي ورقية وتعويذة وتميمة ، وعنه : يكره قبل الألم ، انتهى ذكر مسألتين .

                                                                                                          ( المسألة الأولى ) الكي هل يكره أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في المستوعب فقال : يكره الكي على إحدى الروايتين ، والأخرى لا يكره ، انتهى ، إذا علمت ذلك فالصحيح من المذهب إباحته للضرورة ، والكراهة مع عدمها ، قدمه في الرعاية الكبرى [ ص: 172 ] والآداب الكبرى ، والمستوعب في آدابه ، وعنه : يكره الكي مطلقا ، قال الإمام أحمد في رواية حرب : ما يعجبني الكي ، وعنه : يباح بعد الألم لا قبله ، قال في الرعاية الكبرى : وهي أصح ، قال في آداب الرعاية الصغرى : ويباح الكي بعد الألم ويكره قبله ، وعنه : وبعده ، انتهى .

                                                                                                          ( المسألة الثانية ) الرقى والتعاويذ والتمائم ، فقال في الرعاية الكبرى بعد أن قال : ويباح الكي للضرورة ، ويكره مع عدمها ، وعنه : يكره مطلقا ، وعنه يباح بعد الألم لا قبله وهو أصح . قال وكذا الخلاف والتفصيل في الرقى والتعاويذ والتمائم ونحوها قبل الألم وبعده ، انتهى .

                                                                                                          وقال في آداب الرعاية : ويكره تعليق التمائم ونحوها ، ويباح تعليق قلادة فيها قرآن أو ذكر غيره ، نص عليه ، وكذا التعاويذ ، ويجوز أن يكتب القرآن أو ذكر غيره بالعربية ، ويعلق على مريض ، ( وحامل ) ، وفي إناء ثم يسقيان منه ويرقى من ذلك وغيره بما ورد من قرآن وذكر ودعاء ، انتهى .

                                                                                                          وقال في آداب المستوعب : ولا بأس بالقلادة يعلقها فيها القرآن ، وكذا التعاويذ ، ولا بأس بالكتابة للحمى ، ولا بأس بالرقى من النملة ، انتهى .

                                                                                                          وقال المصنف في الآداب الكبرى : يكره التمائم ونحوها ، كذا قيل يكره ، والصواب ما يأتي من تحريمه لمن لم يرق عليها قرآن أو ذكر ودعاء ، وإلا احتمل وجهين ، ويأتي أن الجواز قول القاضي ، وأن المنع ظاهر الخبر والأثر . وتباح قلادة فيها قرآن أو ذكر غيره ، وتعليق ما هما فيه ، نص عليه ، وكذا التعاويذ ، ويجوز أن يكتب للحمى والنملة والعقرب والحية والصداع والعين ما يجوز ، ويرقى من ذلك بقرآن ، وما ورد فيه من دعاء وذكر ، ويكره بغير العربية ، ويحرم الرقي والتعوذ [ ص: 173 ] بطلسم وعزيمة ، قال في نهاية المبتدئين : ويكره بغير اللسان العربي ، وقيل يحرم ، وكذا الطلسم ، وقطع في موضع آخر بالتحريم ، وقطع به غيره .

                                                                                                          وقال ابن منصور لأبي عبد الله : هل يعلق شيئا من القرآن ؟ قال : التعليق كله مكروه ، وكذا قال في رواية صالح .

                                                                                                          وقال الميموني : سمعت من سأل أبا عبد الله عن التمائم تعلق بعد نزول البلاء فقال : أرجو أن لا يكون به بأس ، قال أبو داود : وقد رأيت على ابن لأبي عبد الله وهو صغير تميمة في رقبته في أدم ، قال الخلال : قد كتب هو من الحمى بعد نزول البلاء ، والكراهة من تعليق ذلك قبل نزول البلاء هو الذي عليه العمل ، انتهى ، وظاهر كلام المصنف بعد ذلك في التميمة التحريم .

                                                                                                          وقال أيضا : لا بأس بكتب قرآن أو ذكر ويسقى منه مريض أو حامل لعسر الولد ، نص عليه فلم يحك فيه خلافا .

                                                                                                          ( مسألة 6 ) .

                                                                                                          قوله : وفي كراهة التفل والنفخ في الرقية روايات ، الثالثة يكره التفل ، انتهى . قال الرعاية وتبعه المصنف في الآداب : ويكره التفل بالريق والنفخ بلا ريق ، وفي كراهة النفث في الرقية وإباحته مع الريق وعدمه روايتان ، انتهى .

                                                                                                          وقال في آداب الرعاية الكبرى : ويكره التفل بالريق في الرقية والنفخ بلا ريق ، وقيل في كراهة النفث فيها مع الريق وعدمه روايتان ، انتهى فقدم الكراهة مطلقا .

                                                                                                          وقال في المستوعب : وكره النفث في الرقى ، ولا بأس بالنفخ .

                                                                                                          وقال في الآداب الكبرى : وجزم بعض متأخري الأصحاب باستحباب النفخ والتفل ; لأنه إذا قويت كيفية نفس الراقي كانت الرقية أتم تأثيرا وأقوى فعلا ، وهذا تستعين به الروح الطيبة والخبيثة فيفعله المؤمن والساحر ، انتهى . والظاهر أنه أراد ابن القيم في الهدي وغيره




                                                                                                          الخدمات العلمية