الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب الوصية على الشرط

( قال رحمه الله ) : وإذا أوصى الرجل لأمته أن تعتق على أن لا تتزوج ، ثم مات فقالت : لا أتزوج فإنها تعتق من ثلثه ; لأن الشرط قبولها الامتناع من التزوج وقد قبلت .

( ألا ترى ) أنه لو أعتقها على مال عتقت بنفس القبول فكذلك إذا أوصى بعتقها على أن لا تتزوج تجب الوصية لها بنفس القبول فتعتق من ثلثه .

يوضحه أنه لم يقصد المولى بهذا اللفظ انعدام التزوج منها أبدا فإن ذلك لا يتم إلا بموتها ، وبعد موتها لا يتصور عتقها فعرفنا أن مراده انعدام التزوج عقيب موته ، وقد وجد ذلك حين قبلت أن لا تتزوج فتعتق ، ثم الامتناع من التزوج لا يصير دينا في الذمة لأحد على أحد ، فإن تزوجت بعد ذلك جاز نكاحها ولم تبطل وصيتها ; لأنها قد عتقت والعتق بعد ما نفذ لا يمكن رده ولم يكن للمولى في هذا الشرط منفعة ظاهرة ولا لورثته [ ص: 90 ] ففواته لا يوجب عليها السعاية كما لو كان شرط عليها أن تصوم أو تصلي تطوعا يوضحه أن القدر المشروط امتناعها من الزواج عقيب موته ولم يعقب ذلك .

وإن تزوجت بعد ذلك وكذلك لو قال : هي حرة إن ثبتت على الإسلام أو على أن لا ترجع عن الإسلام ، فإن أقامت على الإسلام ساعة بعد موته فهي حرة من ثلثه ; لأنه لم يكن الشرط ثباتها على الإسلام إلى وقت موتها ، فإن الجزاء وهو العتق لا يترك فيها بعد ذلك واللفظ إذا تعذر فيه اعتبار الأقصى يعتبر الأدنى وذلك في أن تثبت على الإسلام ساعة بعد موته ، ثم ظاهر ما قال يدل على أن العتق يتنجز فيها من غير تنجيز ، وتأويله أنه لم يضف ذلك إلى ما بعد الموت فأما إذا أضافه إلى ما بعد الموت ، فإنها لا تعتق حتى تعتق ; لأن العتق إذا لم يتنجز بنفس الموت فلا بد من التنفيذ بعد ذلك وقد بينا ما في هذا من الكلام في كتاب العتاق في قوله أنت حر بعد موتي بيوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية