الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( والغلة لذي الشبهة ) من مشتر ومكتر من غاصب لم يعلما بغصبه لا وارثه مطلقا كموهوبه إن أعسر الغاصب ولا من أحيا أرضا يظنها مواتا فلا غلة لهم ولذا قال أبو الحسن الغلة لا تكون لكل ذي شبهة ( أو المجهول ) حاله هل هو غاصب ، أو هل واهبه غاصب أم لا ( للحكم ) بالاستحقاق على من هي بيده ، ثم تكون للمستحق ، فاللام في للحكم للغاية ، ثم مثل لذي الشبهة بقوله ( كوارث ) من غير غاصب ، بل من ذي شبهة ، أو مجهول ، أو من مشتر من نحو غاصب .

وأما وارث الغاصب فلا غلة له اتفاقا ( وموهوب ) من غير غاصب ، أو منه إن أيسر الغاصب لا إن أعسر فلا غلة لموهوبه ( ومشتر منه ) أي من الغاصب ( إن لم يعلموا ) أي تحقق عدم علمهم ، أو جهل علمهم لحملهم على عدم العلم فالغلة لهم إلى يوم الحكم بها للمستحق فإن علموا فلا غلة لهم ، بل تكون للمستحق ( بخلاف ذي دين ) طرأ ( على وارث ) فلا غلة للوارث المطرو عليه ، بل يأخذ منه رب الدين الموروث وغلته أي أن الوارث [ ص: 465 ] إذا ورث عقارا كدار واستغله ، ثم طرأ دين على الميت فإن الوارث يرد الغلة حيث كان الدين يستوفيها فهو مخرج من قوله ، والغلة لذي الشبهة ولو قال بخلاف وارث طرأ عليه ذو دين كان أنسب ( كوارث طرأ على مثله ) فلا غلة للوارث ، والمراد أنه لا يختص بالغلة ، بل يقاسمه أخوه الطارئ فيها ولو قال طرأ عليه مثله كان ، أوضح ( إلا أن ينتفع ) المطرو عليه بنفسه من غير كراء كأن يسكن الدار ، أو يركب الدابة ، أو يزرع الأرض فلا رجوع عليه بشرط أن لا يكون عالما بالطارئ ، وأن يكون في نصيبه ما يكفيه [ ص: 466 ] وأن لا يكون الطارئ يحجب المطرو عليه ، وهذه الشروط تفهم من المصنف بالتأمل ، وأن يفوت الإبان فيما يعتبر فيه إبان .

( وإن غرس ) ذو الشبهة ( أو بنى ) وقام عليه المستحق ( قيل للمالك أعطه قيمته قائما ) منفردا من الأرض ( فإن أبى ) المالك ( فله ) أي الغارس ، أو الباني ( دفع قيمة الأرض ) بغير غرس وبناء ( فإن أبى فشريكان بالقيمة ) هذا بقيمة أرضه ، وهذا بقيمة غرسه ، أو بنائه ويعتبر التقويم ( يوم الحكم ) لا يوم الغرس ، والبناء ( إلا ) أن تكون الأرض ( المحبسة ) [ ص: 467 ] على معينين ، أو غيرهم تستحق بعد غرسها ، أو بنائها ( فالنقض ) بضم النون متعين لربه بأن يقال له اهدم بناءك وخذه ودع الأرض لمستحقيها إذ ليس ثم من يعطيه قيمته قائما إلا أن يكون في بقائه منفعة للوقف ورأى الناظر إبقاءه فله دفع قيمته منقوضا من ريع الوقف إن كان له ريع فإن لم يكن له ريع ودفعها من عنده كان متبرعا ولحق الغرس ، أو البناء بالوقف كما لو بنى ، أو غرس هو ، أو غيره بإذنه ولا يكون مملوكا له ولا لغيره ، اللهم إلا أن يتعطل الوقف بالمرة ولم يكن هناك ريع له يقيمه ولم يمكن إجارته بما يقيمه فأذن الناظر لمن يبني ، أو يغرس في مقابلة شيء يدفعه لجهة الوقف أولا بقصد إحياء الوقف على أن ما بناه ، أو غرسه يكون له ملكا ويدفع حكرا معلوما في نظير الأرض الموقوفة لمن يستحقه من مسجد ، أو آدمي فلعل هذا يجوز إن شاء الله تعالى ويسمى البناء ، والغرس حينئذ خلوا يملك ويباع ويورث ويوقف على ما أفتى به الناصر اللقاني وغير هذا ممنوع وقد تساهل الناس في هذا الزمان تساهلا كثيرا وخرجوا عن قانون الشريعة فاحذرهم ، والله الموفق للصواب .

التالي السابق


( قوله ، والغلة ) مبتدأ ولذي الشبهة حال وقوله للحكم خبر ( قوله لا وارثه ) أي فإنه لا غلة له مطلقا أي كان الغاصب موسرا ، أو معسرا ، علم بغصب مورثه أم لا ، فإذا مات الغاصب عن سلعة مغصوبة واستغلها مورثه أخذها المستحق ، وأخذ غلتها أيضا منه ( قوله إن أعسر الغاصب ) أما لو كان موسرا فإن الغلة تؤخذ منه ويفوز الموهوب بما استغله ( قوله ويظنها مواتا ) أي فتبين أنها مملوكة ( قوله فلا غلة لهم ) أي ، وإن كانوا ذوي شبهة ( قوله لا تكون لكل ذي شبهة ) أي ، بل إنما تكون لمن أدى ثمنا ، أو نزل منزلته فالثلاثة المذكورة ذوو شبهة لا يقلع غرس واحد منهم ولا يهدم بناؤه لكنه لا غلة له فذو الشبهة الذي له الغلة أخص من ذي الشبهة الذي لا يقلع غرسه ولا يهدم بناؤه ( قوله ، أو المجهول ) قضيته أن المجهول حاله ليس ذا شبهة ; لأن العطف يقتضي المغايرة ، وهو ما تحرر لبعض الشيوخ بعد أن جعله عطف خاص ا هـ .

شيخنا ( قوله هل هو غاصب ، أو هل واهبه غاصب أم لا ) أي أوليس كذلك ، بل هو مشتر من غاصب ( قوله للحكم ) لا ينافي هذا ما ذكره آخر الشهادات من الوقف في الرباع زمن الخصام ; لأن معناه المنع من البيع مثلا فلا ينافي الاستغلال انظر بن ( قوله للغاية ) أي فهي بمعنى إلى ، والمعنى أن الغلة تكون لذي الشبهة ، والمجهول من يوم وضع يده إلى يوم الحكم به لذلك المستحق ( قوله ، ثم مثل لذي الشبهة ) أي الذي تكون له الغلة ( قوله ، أو من مشتر ) أي ، أو وارث لمشتر من نحو غاصب ، ثم إن ظاهر الشارح أن وارث المشتري من الغاصب ليس وارثا لذي الشبهة ; لأن العطف يقتضي المغايرة وليس كذلك لما تقدم أن كلا من المشتري من الغاصب ، والمكتري منه ذو شبهة وحينئذ فوارث كل منهما وارث ذي شبهة فكان الأولى للشارح أن يقول ، بل لذي شبهة ، أو مجهول حال كوارث مشتر ، أو مكتر من غاصب بكاف التمثيل ويحذف نحو ، وعلم من ذلك أن وارث ذي الشبهة ذو شبهة كوارث مجهول الحال ( قوله فلا غلة له اتفاقا ) أي سواء علم بغصب مورثه أم لا ( قوله من غير غاصب ) أي بأن ، وهبه المشتري من الغاصب ، أو ، وهبه مجهول الحال ( قوله إن لم يعلموا ) هذا شرط في الثلاثة المذكورة قبله أعني الوارث ، والموهوب له ، والمشتري من الغاصب بناء على ما قرر به قوله كوارث فالجمع في كلامه على حقيقته .

وأما حمل الوارث في كلام المصنف على وارث الغاصب وجعل الشرط راجعا لغيره وجمع ضميره باعتبار الأفراد ، أو راجعا للثلاثة فهو حمل فاسد لما علمت أن وارث الغاصب لا غلة له اتفاقا مطلقا ( قوله فإن علموا فلا غلة لهم ) ، بل تكون للمستحق ، قال عبق ، والمعتبر علم المشتري من الغاصب [ ص: 465 ] وعلم الناس في موهوب الغاصب كما لأبي عمران ، وذكره تت فيتبع ، وإن كان خلاف ظاهر قول المصنف فيما تقدم ووارثه وموهوبه إن علما كهو ، وإلا بدئ بالغاصب ا هـ .

فإن ظاهره أن المعتبر علم الموهوب له لا علم الناس ، والفرق كما قال بعضهم بين المشتري ، والموهوب له أن المشتري شبهته أقوى بالمعاوضة فقوي جانبه ( قوله إذا ورث عقارا إلخ ) أشار الشارح إلى أن كلام المصنف محمول على ما إذا قسم الورثة عين التركة ونمت في أيديهم .

وأما لو اشترى الوارث شيئا من التركة وحوسب بذلك من ميراثه ونما في يده فله نماؤه ولا شيء لأرباب الديون منه بمنزلة ما لو اشتراه أجنبي ونما في يده انظر ح ( قوله ومخرج من قوله ، والغلة لذي الشبهة ) أي فهو في قوة الاستثناء منه كأنه قال ، والغلة لذي الشبهة إلا في طرو دين على وارث فلا غلة للوارث ، علم الوارث بالدين قبل الاستغلال ، أو لا ( قوله كان أنسب ) أي بالإخراج من قوله ، والغلة لذي الشبهة ، ثم إن ظاهر كلام المصنف أن الغلة لذي الدين ولو كانت ناشئة عن تجر الوارث ، أو تجر الوصي على الوارث ، وهو كذلك فإذا مات شخص وترك ثلثمائة دينار وترك أيتاما ، وأخذ شخص الوصية عليهم واتجر في القدر المذكور حتى صار ستمائة مثلا فطرأ على الميت دين قدر الستمائة ، أو أكثر فإنه يستحق جميع ذلك عند ابن القاسم خلافا للمخزومي القائل أن رب الدين الطارئ إنما يأخذ الغلة من الوارث إذا كانت غير ناشئة عن تحريكه ، أو تحريك وصيه نقله أبو الحسن وقوله واتجر بالقدر المذكور أي للأيتام .

وأما إن اتجر به لنفسه فالظاهر أن ربح المال له ; لأنه متسلف ولا يقال قد كشف الغيب أن المال للغريم ; لأنا نقول الوصي المتجر به لنفسه ، أولى ممن غصب مالا واتجر فيه فربحه له ، وأما لو طرأ الغريم بعد إنفاق الولي التركة على الأيتام ، والحال أن الولي غير عالم بذلك الغريم فلا شيء ، على الولي ولا على الأيتام ولو كان الولي موسرا ; لأنه أنفق بوجه جائز ; لأنه مطالب بالإنفاق عليهم كما في المدونة بخلاف إنفاق الورثة الكبار نصيبهم فإنهم يضمنون للغريم الطارئ بلا خلاف ، وقرر شيخنا العدوي في هذا المحل ما محصله لو عمل ، أولاد رجل في ماله في حال حياته معه ، أو وحدهم ونشأ من عملهم غلة كانت تلك الغلة للأب وليس للأولاد إلا أجرة عملهم يدفعها لهم بعد محاسبتهم بنفقتهم وزواجهم إن زوجهم فإن لم تف أجرتهم بذلك رجع عليهم بالباقي إن لم يكن تبرع لهم بما ذكر من النفقة ، والزواج ، وهذا إن لم يكن الأولاد بينوا لأبيهم أولا أن ما حصل من الغلة لهم أم بينهم وبينه ، وإلا عمل بما دخلوا عليه وقرر أيضا أنه إذا اتجر بعض الورثة في التركة فما حصل من الغلة فهو تركة وله أجرة عمله إن لم يبين أولا أنه يتجر لنفسه فإن بين أولا كانت الغلة له ، والخسارة عليه وليس للورثة إلا القدر الذي تركه مورثهم ( قوله كوارث طرأ على مثله ) أشعر قوله كوارث طرأ أنه لو طرأ مستحق وقف على مستحق آخر استغله ، وهو يرى أنه منفرد به ، أو سكن لم يرجع عليه بالغلة ولا بالسكنى ، وهو كذلك ، رواه ابن القاسم عن مالك ، وأما إن استغله عالما بالطارئ رجع عليه بما يخصه من الغلة ( قوله ، والمراد أنه لا يختص بالغلة إلخ ) فحاصله أن الوارث إذا استغل ، ثم طرأ عليه وارث مثله فإنه يضمن حصة الطارئ في تلك الغلة ، وهذا إذا كانت الغلة ناشئة عن كراء لا إن كانت انتفاعا بنفسه بدليل الاستثناء بعده ( قوله كان ، أوضح ) أي ; لأن المحدث عنه في كونه يفوز بالغلة أو لا يفوز ، المطرو عليه لا الطارئ ( قوله بشرط أن لا يكون عالما بالطارئ ) أي .

وأما لو انتفع بنفسه مع علمه بالوارث الطارئ فإنه يغرم له حصته من الغلة ( قوله ، وأن يكون في نصيبه ما يكفيه ) أي ; لأنه إذا كان نصيبه يكفيه للسكنى كان مستغنيا عن حصة غيره بخلاف ما إذا كان نصيبه لا يكفيه فإنه مضطر لحصة الغير فيغرم حينئذ أجرتها ، نعم إن كان نصيبه يكفيه وسكن أكثر منه رجع عليه فالشرط إذن أن يسكن قدر حصته فقط كما قال ابن عاشر وقوله ، وأن يكون في نصيبه إلخ هذا الشرط في نفسه بعيد ، وأخذه من المصنف بعيد [ ص: 466 ] قوله ، وأن لا يكون الطارئ يحجب المطرو عليه ) أي ، وإلا رجع عليه بجميع ما اغتله ( قوله ، وأن يفوت الإبان إلخ ) أي فإن كان الإبان باقيا فلا يفوز المطرو عليه بما انتفع به ، بل يحاسبه الطارئ بقدر ما يخصه .

واعلم أن هذه الشروط في المخرج أي الانتفاع بنفسه ، ومحصله أن المطرو عليه إذا انتفع بنفسه فإن الطارئ لا يشاركه في الغلة ، بل يفوز بها المطرو عليه بشرط أن يكون ما سكن فيه قدر حصته فقط ، وأن لا يعلم بذلك الطارئ ، وأن يفوت الإبان ، وأن لا يكون الطارئ حاجبا فإن اختل شرط من هذه الأربعة رجع الطارئ على المطرو عليه وحاصه في الغلة كما أنه يحاصصه إذا كان المطرو لم ينتفع بنفسه ، بل أكرى من غير شرط .

( تنبيه ) إذا كانت دار مشتركة بين شخصين مثلا فاستغلها أحدهما مدة فإن كان بكراء رجع عليه شريكه بحصته في الغلة ، وإن أشغلها بالسكنى فلا شيء عليه لشريكه إن سكن في قدر حصته فإن سكن أكثر منها رجع عليه شريكه ولا يشترط في عدم اتباع شريكه له إلا هذا الشرط ، وهو سكناه قدر حصته ولا يشترط عدم علمه بالطارئ ولا فوات الإبان ففي العمليات :

وما على الشريك يوما إن سكن في قدر حظه لغيره ثمن

انظر بن ( قوله ، وإن غرس ذو الشبهة ) أي كالمشتري ، أو المكتري من الغاصب ، والموهوب له منه ، والمستعير منه ولم يعلم واحد منهم بغصبه وقوله ، وإن غرس ، أو بنى ، أو مانعة خلو تجوز الجمع وقوله غرس فرض مسألة إذ لو صرف مالا على تفصيل عرض ، أو خياطته ، أو عمر سفينة فالحكم كذلك كما قرر شيخنا واحترز بذي الشبهة عما لو بنى أحد الشركاء ، أو غرس بغير إذن شريكه فما لا بد منه يرجع به ، وإلا فلا يلزم بقلعه ، بل إن قسموا ووقع في قسم غيره دفع له قيمته منقوضا ، وإن أبقوا الشركة على حالها فلهم أن يأمروه بأخذه ، أو يدفعوا له قيمته منقوضا .

وقيل قائما انظر إلخ ( قوله قيل للمالك ) أي ، وهو مستحق الأرض وقوله أعطه قيمته قائما أي ولو من بناء الملوك ; لأنه وضعه بوجه شبهة كذا في خش ورده بن بأن ابن عرفة قيده بما إذا لم يكن من بناء الملوك ، وذوي الشرف فإن كان كذلك فالمنصوص أن فيه قيمته منقوضا ; لأن شأنهم الإسراف ، والتغالي واحتج لذلك بسماع القرينين وذكر أنها نزلت بالشيخ ابن الحباب فأفتى بذلك ( قوله أعطه قيمته قائما ) أي على أنه في أرض الغير ( قوله يوم الحكم ) أي بالشركة واقتصار المصنف عليه لظهوره .

وقيل إن القيمة تعتبر يوم البناء ، أو الغرس قال المواق ، والقولان ذكرهما ابن عرفة من غير ترجيح لأحدهما على الآخر ا هـ .

بن ، وكيفية التقويم أن يقال ما قيمة البناء قائما على أنه في أرض الغير ؟ فيقال كذا ، وما قيمة الأرض مفردة عن الغرس ، أو البناء الذي فيها ؟ فيقال كذا ، فيكونان شريكين بقيمة ما لكل ، فلو قيل للمستحق أعطه قيمته قائما فقال ليس عندي ما أعطيه الآن وما أريد إخراجه عن ملكي ولكن يسكن وينتفع حتى يرزقني الله ما أؤدي منه قيمة البناء ، أو الغرس لم يجز ذلك ولو رضي المستحق منه ; لأنه سلف جر نفعا وكذا لا يجوز أن يتراضيا على أن المستحق منه يستوفي ما وجب له من قيمة البناء ، أو الغرس من كراء الشيء المستحق عند ابن القاسم لفسخ الدين في الدين عند ابن القاسم ، وأجازه أشهب بناء على أن قبض الأوائل كقبض الأواخر ( قوله إلا المحبسة ) ما مر فيما إذا استحقت الأرض بملك ، والكلام الآن فيما إذا استحقت الأرض بحبس ، وحاصله أن من بنى ، أو غرس في أرض بوجه شبهة ، ثم استحقت بحبس فليس للباني إلا نقضه ا هـ .

فقوله إلا المحبسة استثناء من الأوجه الثلاثة أي أن الأرض إذا استحقت بملك من ذي شبهة بعد أن بنى فيها ، أو غرس ففيها ما مر من الأوجه الثلاثة المشار لها بقول المصنف قيل لمالك إلخ .

وأما إذا استحقت بحبس فلا يجري فيها وجه من الأوجه المتقدمة ، فلا يقال لناظر الوقف أعطه قيمته إلى آخر [ ص: 467 ] الثلاثة إنما يقال للباني اهدم بناءك وخذ نقضه ( قوله على معينين ، أو غيرهم ) هذا التعميم هو المعتمد خلافا لابن الحاج القائل إذا كانت حبسا على معينين فحكمها حكم الملك ، وإنما يتعين أخذ الباني نقضه إذا كانت حبسا على غير معينين ا هـ .

شيخنا عدوي ( قوله إذ ليس ثم إلخ ) هذا التعليل إنما يظهر بالنسبة للمحبس على غير المعينين وقوله إذ ليس ثم من يعطيه قيمته قائما أي وليس للباني أن يدفع قيمة البقعة براحا ; لأنه يؤدي لبيع الحبس فتعين أن الباني يهدم بناءه ( قوله ، أو غرس هو ، أو غيره ) أي في أرض الوقف ( قوله ولا يكون ) أي البناء المذكور ( قوله مملوكا له ) أي للناظر الباني ما لم يبين الملكية حين البناء ، أو بعده ، وإلا كان له كما يأتي في الموقف ( قوله ويدفع حكرا ) أي في كل سنة .




الخدمات العلمية