الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا وكله بطوق ذهب يبيعه فباعه ، ونقد الثمن ، وقبض الطوق ، ثم قال المشتري ، وجدته صغيرا مموها بالذهب ، فأقر به الوكيل ، لزم الوكيل ; لأن المشتري غير مقبول القول فيما يدعي من غير حجة ، فإنه قبض عين ما يتناوله العقد ، ثم ادعى بعد ذلك فساد العقد لسبب لا يعرف في مثله لا يقبل قوله إلا بحجة ، وإقرار الوكيل حجة في حقه دون الآمر ، غير أن له أن يستحلف الآمر ; لأن الآمر لو أقر بذلك لزمه ، فإذا أنكر كان له أن يحلفه عليه ، وإن أنكر الوكيل فرده عليه القاضي بالبينة لزم الآمر ; لأن البينة حجة في حق الآمر ، وكذلك إن رد عليه بإباء اليمين عندنا خلافا لزفر فإنه يجعل إباء الوكيل اليمين كإقراره بذلك ، ولكنا نقول : الوكيل مضطر في هذا ; لأنه لا يمكنه أن يحلف كاذبا ، وهذه الضرورة له يعمل بها للموكل ، وكان له أن يرجع به عليه ، فإن وكله أن يشتري له به طوق ذهب بعينه فيه مائة دينار فاشتراه بألف درهم ونقد الثمن ، ولم يقبض الطوق حتى كسره رجل قبل أن يتفرقا ، فإجبار الوكيل تضمين الكاسر قيمته مصوغا من الفضة ; جاز ذلك على الوكيل ; لأن المعقود عليه فات ، واختلف بدلا ، والوكيل في اختيار قبض البدل كالعاقد لنفسه في حقه ، ولا يجوز ذلك على الآمر ; لأن المقصود للآمر تحصيل الطوق له ، ولا يحصل ذلك بالقيمة ، وتصرف الوكيل على الآمر إنما ينفذ فيما يرجع إلى تحصيل مقصوده ، قال : ويبرأ منه بائع الطوق ; لأنه حقه تعين في ضمان القيمة في ذمة الكاسر ، فإذا أخذ الوكيل الضمان من الكاسر يصدق بالفضل إن كان فيه ; لأنه غرم في الثمن حسن ما عاد إليه ، فيظهر الربح ، وهو ربح حصل لا على ضمانه فيلزمه التصدق به .

التالي السابق


الخدمات العلمية