الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ووكيل كل واحد من هؤلاء يقوم مقامه ، وإن كان حاضرا ) . الصحيح من المذهب : جواز الوكالة في النكاح ، وجواز توكيل الولي ، سواء كان مجبرا أو غير مجبر ، أبا كان أو غيره بإذن الزوجة وبغير إذنها . وهو ظاهر المصنف هنا . وقدمه في المغني ، والشرح ، والكافي ، ونصراه . وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، في هذا الباب . وقدمه في المحرر ، في باب الوكالة ، والنظم ، والفائق . قال الزركشي : هذا اختيار الشيخين ، وغيرهما . وقيل : لا يوكل غير مجبر بلا إذنها ، إلا الحاكم . وقدمه في الفروع ، في باب الوكالة ، فتناقض . وخرج القاضي في المجرد ، وابن عقيل في الفصول : هذه على الروايتين في توكيل الوكيل من غير إذن الموكل ، وقالا : من لا يجوز له الإجبار يكون كالوكيل في التوكيل . ورده المصنف ، والشارح . وقال في الترغيب : لو منعت الولي من التوكيل : امتنع . ورده المصنف أيضا وغيره . [ ص: 83 ] وقيل : لا يوكل مجبر أيضا بلا إذنها ، وإن كان لها إذن معتبرة ذكره في الرعايتين .

فوائد :

الأولى : يجوز التوكيل مطلقا ومقيدا . فالمطلق : مثل أن يوكله في تزويج من يرضاه ، أو من يشاء ونحوهما . والمقيد : مثل أن يوكله في تزويج رجل بعينه ونحوه . وهذا المذهب . نص عليه . وجزم به في المغني ، والشرح ، والكافي ، وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى . والفروع . وقيل : يعتبر التعيين لغير المجبر . وقيل : يعتبر التعيين للمجبر وغيره .

الثانية : ما قاله المصنف والشارح ، وابن حمدان ، وغيرهم : أنه يثبت للوكيل مثل ما يثبت للموكل . فإن كان له الإجبار : ثبت لوكيله . وإن كانت ولايته ولاية مراجعة : احتاج الوكيل إلى إذنها ومراجعتها في زواجها ; لأنه نائب عنه . فيثبت له مثل ما يثبت لمن ينوب عنه . وكذا الحكم في السلطان والحاكم يأذن لغيره في التزويج . فيكون المأذون له قائما مقامه . وقال المصنف ، والشارح في باب الوكالة : والذي يعتبر إذنها فيه للوكيل : هو غير ما يوكل فيه الموكل . بدليل أن الوكيل لا يستغني عن إذنها في التزويج . فهو كالموكل في ذلك . وتقدم التنبيه على ذلك في باب الوكالة .

الثالثة : يشترط في وكيل الولي ما يشترط في الولي نفسه . على الصحيح من المذهب . فلا يصح أن يكون الوكيل فاسقا ونحوه . وهو من مفردات المذهب . [ ص: 84 ] وقيل : يصح توكيل فاسق وعبد وصبي مميز . ولا يشترط في وكيل الزوج عدالته . على الصحيح من المذهب . اختاره أبو الخطاب ، وابن عقيل ، وابن عبدوس في تذكرته وغيرهم . وقدمه في المغني والشرح ، وقالا : هو أولى . وهو القياس . وهو ظاهر كلام طائفة من الأصحاب . وقدمه في الكافي . وقيل : تشترط عدالته . اختاره القاضي . وقدمه ابن رزين في شرحه ، والرعاية الكبرى . قال في التلخيص : اختاره أصحابنا ، إلا ابن عقيل . وأطلقهما في الرعاية الصغرى ، والحاويين ، والفروع ، والفائق . وقد تقدم ذلك في أوائل باب الوكالة .

الرابعة : يتقيد الولي ووكيله المطلق بالكفء إن اشترطت الكفاءة . ذكره في الترغيب .

الخامسة : ليس للوكيل المطلق أن يتزوجها لنفسه . فإن فعل فهو كتزويج الفضولي على ما تقدم . قال في القاعدة السبعين : ليس له ذلك على المعروف من المذهب . وحكى ابن أبي موسى : أنه إن أذن له الولي في التوكل ، فوكل غيره فزوجه : صح . وكذا إن لم يأذن له ، وقلنا للوكيل أن يوكل مطلقا . وأما من ولايته بالشرع كالولي والحاكم وأمينه فله أن يزوج نفسه . ولو قلنا : ليس لهم أن يشتروا من المال . ذكره القاضي في خلافه . وألحق الوصي بذلك . قال في القواعد الأصولية والفقهية : وفيه نظر . فإن الوصي يشبه الوكيل لتصرفه بالإذن . [ ص: 85 ] قال : وسواء في ذلك اليتيمة وغيرها . صرح به القاضي في ذلك . وذلك حيث يكون لها إذن معتبر . انتهى .

ويجوز تزويج الوكيل لولده .

السادسة : يعتبر أن يقول الولي ، أو وكيله ، لوكيل الزوج " زوجت فلانة لفلان " أو " زوجت موكلك فلانا فلانة " ولا يقول " زوجتها منك " ويقول الولي " قبلت تزويجها ، أو نكاحها لفلان " فإن لم يقل " لفلان " فوجهان في الترغيب . وتابعه في الفروع . وقال في الرعاية : إن قال " قبلت هذا النكاح " ونوى أنه قبله لموكله ، ولم يذكره : صح . قلت : يحتمل ضده . بخلاف البيع . انتهى .

وتقدم ذلك أيضا في أوائل باب الوكالة .

التالي السابق


الخدمات العلمية