الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 256 ] قوله ( وإن تزوج بغير إذنه : لم يصح النكاح ) . هذا المذهب . نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله . وجزم به في الوجيز ، والهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمنور ، وغيرهم . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين . والحاوي الصغير ، والفروع ، والقواعد الأصولية ، وغيرهم . وعنه : النكاح موقوف . قال في الفروع بعد أن قدم الأول وقال أصحابنا : كفضولي . ونقله حنبل وإن وطئ فيه : فكنكاح فاسد . فعلى القول بالوقف على إجازة السيد : لو أعتقه عقب النكاح . فقال أبو الخطاب في الانتصار : صح نكاحه ونفذ ، بخلاف ما لو اشترى شيئا بغير إذن السيد ، ثم أعتقه عقب الشراء : لم ينفذ شراؤه . قال في القواعد الأصولية : وما قاله فيه نظر . قوله ( فإن دخل بها وجب في رقبته مهر المثل ) . هذا المذهب . نص عليه . واختاره أبو بكر . قال في المذهب ، ومسبوك الذهب : وجب مهر المثل في أصح الروايتين . وجزم به في الوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأزجي . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، والقواعد الأصولية . وقيل : في ذمته . وهو احتمال في المغني ، وغيره . واختاره الشارح ، وغيره . وعنه : الواجب هو المسمى ، ويتعلق برقبته . وقيل : الواجب خمسا مهر المثل . وهو احتمال في المغني أيضا وغيره . وعنه : الواجب خمسا المسمى . نقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله . [ ص: 257 ] واختاره الخرقي ، والقاضي ، وأصحابه . منهم الشريف ، وأبو الخطاب في خلافيهما ، والشيرازي . وقال الزركشي : هذه أشهر الروايات . وقدمه في الخلاصة ، وإدراك الغاية . وجزم به ناظم المفردات وهو منها . وأطلقهما في الهداية ، والمستوعب . وعنه : إن علمت أنه عبد : فلها خمسا المسمى . وإن لم تعلم : فلها المهر في رقبته . ونقل حنبل : لا مهر لها مطلقا . قال في المحرر ، وعنه : إن علما فلا مهر لها بحال . فقيدها بما إذا علما التحريم . كذا حملها القاضي أيضا . وتبعه في الرعاية . وزاد : قلت إن علمت المرأة وحدها . قال في الفروع : وظاهر كلام جماعة : أو علمته هي ، يعني وحدها . قال : والإخلال بهذه الزيادة سهو . انتهى .

وقال المصنف : يحتمل ما نقل حنبل : أن يحمل على إطلاقه . ويحتمل أن يحمل على ما قبل الدخول . ويحتمل أن يحمل على أن المهر لا يجب في الحال . بل يجب في ذمة العبد ، يتبع به إذا عتق . قال في القواعد الأصولية : وأولت هذه الرواية بتأويلات فيها نظر . وعنه : تعطى شيئا . نقله المروذي ، قال : قلت : أتذهب إلى قول عثمان ؟ قال : أذهب إلى أن تعطي شيئا . قال أبو بكر : وهو القياس .

تنبيهان :

أحدهما : ظاهر قول المصنف ، وغيره : أن خمسا المسمى تجب في رقبة العبد وقالوا : اختاره الخرقي . والخرقي إنما قال : على سيده خمسا المهر . [ ص: 258 ] والجواب عن ذلك : أن القول بوجوبه في رقبة العبد : هو على السيد ; لأنه ملكه . غايته : أنهم خصصوه برقبة العبد . والخرقي جعله على السيد . ولا ينفك ذلك عن مال السيد .

الثاني : مراده والله أعلم بالدخول في قوله " فإن دخل بها " الوطء . وقد صرح به في الوجيز ، وغيره . فعلى هذا : لا يجب بالخلوة إذا لم يطأ . والظاهر : أن هذا من الأنكحة الفاسدة ، يعطى حكمها في الخلوة . على ما يأتي في آخر الباب ، والخلاف فيه .

فائدتان :

إحداهما : ظاهر كلام الأكثر : أن الإمام أحمد رحمه الله : إنما صار إلى أن الواجب خمسا المسمى توقيفا ; لأنه نقل عن عثمان رضي الله عنه . ووجهها الشيخ تقي الدين رحمه الله ، فقال : المهر في نكاح العبد يجب بخمسة أشياء : النكاح ، وعقد الصداق ، وإذن السيد في النكاح ، وإذنه في الصداق ، والدخول . فإذا نكح بلا إذنه : فالنكاح باطل ، ولم يوجد إلا التسمية من العبد والدخول . فيجب الخمسان .

الثانية : يفديه سيده بالأقل من قيمته ، أو المهر الواجب .

التالي السابق


الخدمات العلمية