الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3425 125 - حدثني محمد بن العلاء، حدثنا حماد بن أسامة، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى أراه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب، ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفا فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد، ثم هززته بأخرى فعاد أحسن ما كان، فإذا هو ما جاء الله به من الفتح واجتماع [ ص: 153 ] المؤمنين، ورأيت فيها بقرا والله خير، فإذا هم المؤمنون يوم أحد، وإذا الخير ما جاء الله به من الخير، وثواب الصدق الذي آتانا الله بعد يوم بدر

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن فيه إخبارا عن رؤياه الصدق ووقوعها مثل ما عبرها به. وبريد بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف ثم دال مهملة ابن عبد الله بن أبي بردة بضم الباء الموحدة، يروي عن جده أبي بردة واسمه الحارث وقيل: عامر وقيل: اسمه كنيته ابن أبي موسى الأشعري، واسمه عبد الله بن قيس.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري مقطعا في غير موضع من المغازي وعلامات النبوة والتعبير عن أبي كريب محمد بن العلاء، وأخرجه مسلم في الرؤيا عن أبي كريب وعبد الله بن براد، وأخرجه النسائي فيه عن موسى بن عبد الرحمن، وأخرجه ابن ماجه فيه عن محمود بن غيلان أربعتهم عن أبي أسامة عنه به.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أراه " بضم الهمزة أي: أظنه. قوله: " وهلي " بفتح الهاء يعني وهمي واعتقادي، ويجوز فيه إسكان الهاء مثل نهر ونهر يقال: وهلت إلى الشيء إذا ذهب وهمك إليه. يقال: وهل يهل وهلا، وعن أبي زيد: وهلت في الشيء، وعنه أهل وهلا إذا نسيت وغلطت فيه وضبطه بكسر الهاء. قوله: " أو هجر " بفتح الجيم وهي مدينة باليمن وهي قاعدة البحرين، ويقال: بدون الألف واللام، بينها وبين البحرين عشر مراحل. قوله: " فإذا هي المدينة " كلمة إذا للمفاجأة؛ وهي ترجع إلى أرض بها نخل وهو مبتدأ والمدينة بالرفع خبره.

                                                                                                                                                                                  قوله: " يثرب بالرفع أيضا عطف بيان بفتح الياء آخر الحروف وسكون الثاء المثلثة وكسر الراء، ثم باء موحدة. والنهي الذي ورد عن تسمية المدينة بيثرب إنما كان للتنزيه، وإنما جمع بين الاسمين هنا لأجل خطاب من لا يعرفها. وفي التوضيح: وقد نهى عن التسمية بيثرب حتى قيل: من قالها وهو عالم كتبت عليه خطيئة، وسببه ما فيه من معنى التثريب، والشارع من شأنه تغيير الأسماء القبيحة إلى الحسنة. ويجوز أن يكون هذا قبل النهي كما أنه سماها في القرآن إخبارا به عن تسمية الكفار لها قبل أن ينزل تسميتها.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وثواب الفتح " أراد بالفتح فتح مكة أو هو مجاز عن اجتماع المؤمنين وإصلاح حالهم. قوله: " بقرا " قال النووي: قد جاء في بعض الروايات هكذا: رأيت بقرا تنحر، وبهذه الزيادة يتم تأويل الرؤيا إذ نحر البقر هو قتل الصحابة بأحد. قوله: " والله خير " قال القاضي: ضبطنا والله خير برفع الهاء والراء على المبتدأ والخبر قيل: معناه ثواب الله خير؛ أي: صنع الله بالمقتولين خير لهم من مقامهم في الدنيا، والأولى قول من قال: إنه من جملة الرؤيا فإنها كلمة سمعها في الرؤيا عند رؤياه البقر بدليل تأويله لها بقوله صلى الله عليه وسلم: " فإذا الخير ما جاء الله به. قوله: " وثواب الصدق " إلى آخره يريد به بعد أحد ولا يريد ما كان قبل أحد. قوله: " بعد يوم بدر " قال القاضي بضم دال بعد وبنصب يوم. قال: وروي بنصب الدال، ومعناه ما جاء الله به بعد بدر الثانية من تثبيت قلوب المؤمنين؛ لأن الناس جمعوا لهم وخوفوهم فزادهم ذلك إيمانا وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل. وتفرق البدو عنهم هيبة لهم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية