الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3500 199 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد، فقال: هذا فلان لأمير المدينة يدعو عليا عند المنبر، قال: فيقول: ماذا قال؟ يقول له: أبو تراب، فضحك. قال: والله ما سماه إلا النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان له اسم أحب إليه منه، فاستطعمت الحديث سهلا، وقلت: يا أبا عباس، كيف قال دخل علي على فاطمة ثم خرج فاضطجع في المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد، فخرج إليه فوجد رداءه قد سقط عن ظهره، وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره، فيقول: اجلس يا أبا تراب، مرتين.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن فيه دلالة على فضيلة علي رضي الله تعالى عنه، وعلو منزلته عند النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، وذلك لأنه مشى إليه، ودخل المسجد ومسح التراب عن ظهره، واسترضاه تلطفا به؛ لأنه كان وقع بين علي وفاطمة شيء، فلذلك خرج إلى المسجد واضطجع فيه، صرح بذلك في رواية البخاري التي مضت في كتاب الصلاة حيث قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لفاطمة: أين ابن عمك؟ قالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج " ولم يقل الحديث.

                                                                                                                                                                                  وأبو حازم [ ص: 217 ] اسمه سلمة بن دينار، وقد مر عن قريب، والحديث مضى في كتاب الصلاة في باب نوم الرجال في المسجد، فإنه أخرجه هناك عن قتيبة، عن عبد العزيز... إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  قوله: " هذا فلان لأمير المدينة " أي: كنى بفلان عن أمير المدينة، والاسم يراد بالكنية، وتطلق التسمية على التكنية، ووقع في رواية الإسماعيلي: هذا فلان بن فلان.

                                                                                                                                                                                  قوله: " يدعو عليا " أراد أنه يذكر عليا بشيء غير مرضي.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال: فيقول: ماذا قال " أي: قال أبو حازم: فيقول سهل بن سعد: ماذا قال فلان الذي كنى به عن أمير المدينة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال: يقول له " أي: قال أبو حازم: يقول فلان لعلي: أبو تراب، فضحك أي: سهل، وقال: والله... إلى آخره.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فاستطعمت الحديث سهلا " أي: سألت من سهل الحديث، وإتمام القصة، وفيه استعارة الاستطعام للتحدث، والجامع بينهما حصول الذوق، فمن الطعام الذوق الحسي، ومن التحدث الذوق المعنوي.

                                                                                                                                                                                  قوله: " يا أبا عباس " بتشديد الباء الموحدة والسين المهملة وهو كنية سهل بن سعد، ويروى: يا أبا العباس بالألف واللام.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وخلص التراب " أي: وصل إلى ظهره.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فجعل " أي: النبي صلى الله عليه وسلم يمسح التراب عن ظهره، أي: عن ظهر علي رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " مرتين " ظرف لقوله: " فيقول: اجلس ".

                                                                                                                                                                                  وفيه جواز النوم في المسجد، واستلطاف الغضبان، وتواضع النبي صلى الله عليه وسلم، ومنزلة علي رضي الله تعالى عنه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية