الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5678 53 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم. قالت عائشة: ففهمتها فقلت: وعليكم السام واللعنة، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله، فقلت: يا رسول الله، أولم تسمع ما قالوا؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قلت: وعليكم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " إن الله يحب الرفق في الأمر كله". وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المديني. وإبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وصالح هو ابن كيسان. والحديث أخرجه مسلم في الاستئذان عن الحسن الحلواني، وعبد بن حميد، وأخرجه النسائي في التفسير وفي (اليوم والليلة) عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم. قوله: " رهط من اليهود"؛ الرهط من الرجال ما دون العشرة، وقيل: إلى الأربعين ولا يكون فيهم امرأة، ولا واحد له من لفظه، ويجمع على: أرهط وأرهاط، وأراهط جمع الجمع. قوله: " السام عليكم" السام ،بتخفيف الميم؛ الموت، وقال الخطابي: فسروا السام بالموت في لسانهم كأنهم دعوا عليه بالموت! قال: وكان قتادة يرويه بالمد، من السآمة وهو الملل؛ أي تسأمون دينكم، وقيل: كانوا يعنون: أماتكم الله الساعة. قوله: " مهلا" معناه تأني وارفقي، وانتصابه على المصدرية. وقال الجوهري: المهل، بالتحريك، التؤدة والتباطؤ، والاسم المهلة، وهو اسم فاعل يقال للواحد وللاثنين وللجمع وللمؤنث بلفظ واحد. قوله: " إن الله يحب الرفق في الأمر كله". وفي رواية مسلم عن عمرة، عن عائشة: [ ص: 114 ] " إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف". قوله: " أولم تسمع؟" بهمزة الاستفهام وواو العطف، قيل: ما معناه، والعطف يقتضي التشريك وهو غير جائز، وأجيب بأنه المشاركة في الموت؛ أي: نحن وأنتم كلنا نموت، أو تكون الواو للاستئناف لا للعطف، أو تقديره: وأقول: عليكم ما تستحقونه، وإنما اختار هذه الصيغة ليكون أبعد عن الإيحاش وأقرب إلى الرفق. واختلف هل يؤتى بالواو في الرد أم لا؟ فقال ابن حبيب: لا يؤتى بها; لأن فيها اشتراكا، وخالفه ابن الجلاب والقاضي أبو محمد، وقيل: يقول: عليكم السلام، بالكسر. وقال طاوس: يرد: وعلاك السام; أي: ارتفع، وقال النخعي: إذا كان له عنده حاجة تبدأ بالسلام ولا ترد عليه كاملا، فلا يجب أن يكرم كالمسلم. وسمح بعضهم في رد: السلام عليكم، واحتج بقوله تعالى: فاصفح عنهم وقل سلام ولو كان كما قال لقال: سلاما، بالنصب، وإنما يعني بذلك على اللفظ والحكاية، وأيضا فقد قيل: إن الآية منسوخة بآية السيف، واختلف هل يكنى اليهودي؛ فكرهه مالك، ورخص فيه ابن عبد الحكم، واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: انزل أبا وهب.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية