الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5684 59 - حدثنا أصبغ، قال: أخبرني ابن وهب، أخبرنا أبو يحيى هو فليح بن سليمان، عن هلال بن أسامة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا ولا لعانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ما له ترب جبينه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة.

                                                                                                                                                                                  وأصبغ هو ابن الفرج المصري، يروي عن عبد الله بن وهب المصري. وهلال بن أسامة هو هلال [ ص: 117 ] ابن علي، ويقال: هلال بن هلال، وهلال بن أبي ميمونة المديني، والحديث من أفراده.

                                                                                                                                                                                  قوله: " سبابا" على وزن فعال، بالتشديد، وكذلك الفحاش، واللعان. فإن قلت: صيغة فعال، بالتشديد، لا تستلزم نفي صيغة فاعل، والنبي لم يتصف بهذه الأشياء أصلا، لا بقليل ولا بكثير. قلت: هذا مثل قوله تعالى: وما ربك بظلام للعبيد " وقال الكرماني: ما الفرق بين هذه الثلاثة؟ قلت: يحتمل أن تكون اللعنة متعلقة بالآخرة؛ لأنها هي البعد عن رحمة الله تعالى، والسب يتعلق بالنسب؛ كالقذف والفحش بالحسب. قوله: " عند المعتبة" بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح التاء المثناة من فوق وكسرها وبالباء الموحدة، وهو مصدر "عتبت عليه أعتبه عتبا. قال الجوهري: عتب عليه: وجد، تعتب وتعتب ومعتبا، والاسم المعتبة والمعتبة. وقال الخليل: العتاب معاتبة الأول ومذاكرة الموجدة، تقول: عاتبه معاتبة، قال الشاعر:

                                                                                                                                                                                  ويبقى الود ما بقي العتاب

                                                                                                                                                                                  .

                                                                                                                                                                                  قوله: " ما له؟" استفهام، و"ترب جبينه"؛ إذا أصابه التراب، ويقال: تربت يداك على الدعاء؛ أي: لا أصبت خيرا. وقال الخطابي: هذا الدعاء يحتمل وجهين؛ الأول: أن يخر لوجهه فيصيب التراب جبينه. والآخر: أن يكون دعاء له بالطاعة ليصلي فيتترب جبينه. وقيل: الجبينان هما اللذان يكتنفان الجبهة، فمعناه: صرع لجنبه، فيكون سقوط رأسه على الأرض من ناحية الجبين. وقال الداودي: هذه كلمة جرت على لسان العرب ولا يراد حقيقتها.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية