الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3987 - "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا" ؛ (خ)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح) .

التالي السابق


(خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام) ؛ أي: من كان مختارا منكم بمكارم الأخلاق في الجاهلية؛ فهو مختار في الإسلام؛ (إذا فقهوا) ؛ قال في الرياض: بضم القاف؛ على المشهور؛ وحكي كسرها؛ أي: عملوا بأحكام الشرع؛ أو صاروا فقهاء؛ بأن مارسوا الفقه؛ وتعاطوه؛ حتى صار لهم به ملكة؛ ونعم ما قال الأحنف :


كل عز لم يوطأ بعلم ... فإلى ذل يصير

وقال الشاعر:


إن السري إذا سرى فبنفسه وابن السري إذا سرى أسراهما



فأرشد إلى أنه لا خيار إلا بالفضل والتقوى؛ فمن اتفق له ذلك مع أصل حميد شريف الأعراق؛ كملت فضيلته؛ وسما على غيره؛ ثم القسمة - كما قال ابن حجر - رباعية؛ فإن الأفضل من جمع بين الشرف في الجاهلية؛ والشرف في الإسلام ؛ ثم أرفعهم رتبة من أضاف لذلك التفقه في الدين؛ ويقابل ذلك من كان مشروفا في الجاهلية واستمر مشروفا في الإسلام؛ فهذا أدنى المراتب؛ وأرفع منه من شرف في الإسلام وفقه ولم يكن شريفا في الجاهلية؛ والشرف في الجاهلية بحسب الآباء؛ وكرم الأصل؛ وفي الإسلام بالعلم والحكمة؛ فالأول موروث؛ والثاني كسبي؛ قال الطيبي : فإن قيل: ما فائدة التقييد بقوله: "إذا فقهوا"؛ لأن من أسلم وكان شريفا في الجاهلية خير ممن ليس له شرف فيها؛ سواء فقه أو لا؟ قلنا: ليس كذلك؛ فإن الإيمان يرفع التفاوت المعتبر في الجاهلية؛ فإذا علا الرجل بالعلم والحكمة؛ استجلب النسب [ ص: 466 ] الأصلي؛ فيجمع شرف النسب؛ مع شرف الحسب؛ وفهم منه أن الوضيع المسلم المتحلي بالعلم أرفع منزلة من المسلم الشريف العاطل؛ فمعناه أن من اجتمع له خصال شرف زمن الجاهلية؛ - من شرف الآباء؛ ومكارم الأخلاق؛ وصنائع المعروف -؛ مع شرف الإسلام؛ والتفقه فيه؛ فهو الأحق بهذا الاسم؛ ذكره القرطبي .

(خ؛ عن أبي هريرة ) ؛ قال: قيل: يا رسول الله؛ من أكرم الناس؟ قال: "أتقاهم"؛ قالوا: ليس عن هذا نسألك؛ قال: " فيوسف نبي الله؛ ابن نبي الله"؛ قالوا: ليس عن هذا نسألك؛ قال: "فعن معادن العرب تسألونني؟..." ؛ ثم ذكره؛ وهذا الحديث رواه مسلم أيضا؛ وعزاه في الفردوس إلى مسلم أيضا.




الخدمات العلمية