الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2300 ص: فهذا رسول الله - عليه السلام - قد أجاز الصلاة في الحجر الذي هو من البيت، فقد ثبت بما ذكرنا تصحيح قول من ذهب إلى إجازة الصلاة في البيت، فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

                                                وأما حكمه من جهة النظر، فإن الذين ينهون عن الصلاة فيه إنما نهوا عن ذلك لأن البيت كله عندهم قبلة، قالوا: فمن صلى فيه فقد استدبر بعضه فهو كمستدبر بعض القبلة فلا تجزئه صلاته، فكان من الحجة عليهم في ذلك: أنا رأينا من استدبر القبلة أو ولاها يمينه أو شماله أن ذلك كله سواء، وأن صلاته لا تجزئه، وكان من صلى مستقبل جهة من جهات البيت أجزأته الصلاة باتفاقهم، وليس هو في ذلك مستقبل جهة القبلة كلها ; لأن ما عن يمين ما استقبل من البيت، وما عن يساره ليس هو مستقبله، فلما كان لم يتعبد باستقبال جهات كل البيت في صلاته وإنما يتعبد باستقبال جهة من جهاته [ ص: 187 ] ولا يضره ترك استقبال ما بقي من جهاته بعدها كان النظر على ذلك أن من صلى فيه فقد استقبل إحدى جهاته، واستدبر غيرها، فما استدبر من ذلك فهو في حكم ما كان عن يمين ما استقبل من جهات البيت وعن يساره إذا كان خارجا منه ; فثبت بذلك أيضا قول الذين أجازوا الصلاة في البيت ; وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

                                                التالي السابق


                                                ش: أشار بقوله: "فهذا" إلى ما أجازه رسول الله - عليه السلام - عليه السلام - من الصلاة في الحجر، ولما كان الحجر من البيت كانت الصلاة فيه كالصلاة في البيت، فدل ذلك قطعا على جواز الصلاة فيه.

                                                قوله: "وأما حكمه" أي حكم هذا الباب من جهة النظر والقياس.

                                                قوله: "فكان من الحجة عليهم في ذلك" أي فكان من الدليل على أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه، وهذا جواب عما قالوه من طريق النظر.

                                                قوله: "فلما كان لم يتعبد" بتشديد الباء على صيغة المجهول، والتعبد إظهار العبادة لله والقيام بعبوديته.

                                                قوله: "كان النظر" جواب لقوله: "فلما كان"، والباقي ظاهر.




                                                الخدمات العلمية