الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2511 ص: حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد، قال: أنا حيوة ، عن محمد بن عجلان أن زيد بن أسلم حدثه، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله - عليه السلام - قال: "إذا صلى أحدكم فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليبن على اليقين ويدع الشك، فإن كانت صلاته نقصت فقد أتمها وكانت السجدتان ترغمان الشيطان، وإن كانت صلاته تامة كان ما زاد والسجدتان له نافلة".

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب ، قال: أخبرني هشام بن سعد [ ص: 451 ] عن زيد بن أسلم . . . فذكر بإسناده مثله، غير أنه قال: "ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم".

                                                حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا الوهبي، قال: ثنا الماجشون ، عن زيد ... فذكر بإسناده مثله. غير أنه لم يقل: "قبل التسليم".

                                                حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه.

                                                وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا عثمان بن عمر ، قال: أنا مالك ، عن زيد ... فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يذكر أبا سعيد - رضي الله عنه -.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه خمس طرق صحاح:

                                                الأول: عن ربيع بن سليمان الجيزي ، عن أبي زرعة وهب الله بن راشد الحجري المصري المؤذن -قال أبو حاتم : محله الصدق- عن حيوة بن شريح بن صفوان بن مالك التجيبي أبي زرعة المصري الفقيه الزاهد العابد روى له الجماعة، عن محمد بن عجلان المدني ، عن زيد بن أسلم المدني ، عن عطاء بن يسار الهلالي المدني روى له الجماعة.

                                                وأخرجه أبو داود : ثنا محمد بن العلاء، نا أبو خالد ، عن ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتين، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلاته وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان".

                                                وأخرجه مسلم : ثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف، قال: نا موسى بن داود، قال: ثنا سليمان بن بلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن [ ص: 452 ] أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا، فليطرح الشك وليبن على اليقين ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان".

                                                وأخرجه النسائي وابن ماجه أيضا.

                                                الثاني: عن يونس بن عبد الأعلى المصري ، عن عبد الله بن وهب المصري ، عن هشام بن سعد المدني القرشي يتيم زيد بن أسلم . . . إلى آخره.

                                                وأخرجه مسلم : نا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال: حدثني عمي عبد الله بن وهب ، قال: ثنا داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم . . . بهذا الإسناد، وفي معناه قال: "يسجد سجدتين قبل السلام" كما قال سليمان بن بلال ، وحديث سليمان بن بلال قد مر آنفا.

                                                الثالث: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن أحمد بن خالد الوهبي الكندي ، عن الماجشون عبد العزيز بن أبي سلمة ، عن زيد بن أسلم . . . إلى آخره.

                                                وأخرجه الدارقطني في "سننه": ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا بشر بن الوليد، ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - عليه السلام - قال: "إذا لم يدر أحدكم كم صلى، ثلاثا أو أربعا فليقم فليصل ركعة ثم يسجد بعد ذلك سجدتي السهو وهو جالس، فإن كان صلى خمسا شفعتا له صلاته، وإن كانت أربعا أرغمتا الشيطان".

                                                [ ص: 453 ] الرابع: عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار . . . فذكر الحديث المذكور نحوه، غير أنه لم يذكر في روايته أبا سعيد الخدري فأخرجه مرسلا.

                                                وأخرجه مالك في " موطئه ": عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، أن رسول الله - عليه السلام - قال: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا فليصل ركعة، وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم، فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شافعها بهاتين السجدتين، وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان".

                                                الخامس: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن عثمان بن عمر بن فارس ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم . . . إلى آخره نحوه.

                                                وأخرجه البيهقي أيضا نحوه مرسلا: من حديث مالك .

                                                وقال أبو عمر : هكذا روى هذا الحديث عن مالك جميع رواة "الموطأ" عنه، ولا أعلم أحدا أسنده عن مالك إلا الوليد بن مسلم وتابعه على ذلك يحيى بن راشد -إن صح- عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي - عليه السلام -، وقد تابع مالكا على إرساله: الثوري ، وحفص بن ميسرة الصنعاني ، ومحمد بن جعفر بن أبي كثير ، وداود بن قيس الفراء فيما رواه عنه القطان، وأسنده من الثقات على حسب رواية الوليد بن مسلم له عن مالك : عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، ومحمد بن عجلان ، وسليمان بن بلال ، ومطرف أبو غسان ، وهشام بن سعد ، وداود بن قيس في غير رواية القطان، والحديث متصل مسند صحيح لا يضره تقصير من قصر به في اتصاله ; لأن الذين وصلوه حفاظ مقبولة زيادتهم.

                                                [ ص: 454 ] قوله: "ويدع الشك" أي يتركه، والمعنى إذا شك في صلاته فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا فليترك الشك وليبن على اليقين.

                                                قوله: "وكانت السجدتان ترغمان الشيطان" أي السجدتان اللتان سجدهما مرغمتي الشيطان أي مغيظتين له ومذلتين له، مأخوذ من الرغام وهو التراب، ومنه: أرغم الله أنفك ; وذلك لأنها في حالة النقصان جبر له، وفي حالة الزيادة والتمام تكون إرغاما للشيطان ; لأنه يبغض السجدة ; لأنه ما لعن إلا من إبائه عن سجود آدم - عليه السلام -.

                                                قوله: "والسجدتان" عطف على قوله: "ما زاد".

                                                وقوله: "نافلة" بالنصب خبر كان.

                                                وقال الخطابي : وفي هذا الحديث بيان فساد قول من ذهب في من صلى خمسا إلى أنه يضيف إليها سادسة إن كان قعد في الرابعة، واعتلوا بأن النافلة لا تكون ركعة واحدة وقد نص فيه من طريق ابن عجلان على أن تلك الركعة تكون نافلة، ثم لم يأمره بإضافة أخرى إليها.

                                                قلت: بل الفساد فيما قاله ; لأن أصحابنا ما ألزموا بإضافة الركعة السادسة، بل قالوا: الأولى أن يضيف إليها ركعة سادسة، ولا نسلم أن المنصوص من طريق ابن عجلان هو أن الركعة وحدها تكون نافلة، بل ما كانت الركعة نافلة والسجدتين يعني مع السجدتين، فأجاب أصحابنا عن هذا الحديث أنه محمول على ما إذا وقع له مرارا ولم يقع تحريه على شيء، والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية