الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
12048 [ ص: 257 ] 5510 - (12457) - (3\143) عن أنس بن مالك، قال: كنا قد نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل، فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد! أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، قال: " صدق " . قال: فمن خلق السماء؟ قال: " الله " . قال: فمن خلق الأرض؟ قال: " الله " . قال: فمن نصب هذه الجبال، وجعل فيها ما جعل؟ قال: " الله " . قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض، ونصب هذه الجبال! آلله أرسلك؟ قال: " نعم " .

قال: فزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، قال: " صدق " ، قال: فبالذي أرسلك! آلله أمرك بهذا؟ قال: " نعم " .

قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا، قال: " صدق " ، قال: فبالذي أرسلك! آلله أمرك بهذا؟ قال: " نعم " .

قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر في سنتنا، قال: " صدق " ، قال: فبالذي أرسلك! آلله أمرك بهذا؟ قال: " نعم " .

قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا، قال: " صدق " .

قال: ثم ولى، فقال: والذي بعثك بالحق! لا أزيد عليهن شيئا، ولا أنقص منهن شيئا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لئن صدق، ليدخلن الجنة " .


التالي السابق


* قوله : " كنا قد نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء " : هكذا في بعض النسخ، وهو المشهور في كتب الحديث، والمعنى: نهينا بقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم [المائدة: 101]، والمراد بقوله: " عن شيء " ; أي: غير ضروري لما فيه من احتمال أن يكون من تلك الأشياء، [ ص: 258 ] وفي بعض النسخ: هبنا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم; من هاب، ولم يذكر فيه: " عن شيء " .

* " الرجل من أهل البادية العاقل " : فإنه لكونه من أهل البادية لا يعلم بالمنع، فيسأل، ولكونه عاقلا يسأل عما يليق السؤال عنه.

* " فبالذي خلق. . . إلخ " : الباء للقسم; أي: أقسم به، قال ذلك لزيادة التوثيق والتثبيت; كما يؤتى بالتأكيد لذلك، ويقع ذلك في أمر يهتم بشأنه، ولم يقل ذلك لإثبات النبوة بالحلف; فإن الحلف لا يكفي في ثبوتها، ومعجزاته صلى الله عليه وسلم كانت مشهورة معلومة، فهي ثابتة بتلك المعجزات، ويمكن أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم كان معلوما عندهم بالصدق والأمانة على أكمل وجه، وقد جاء أن نور وجهه صلى الله عليه وسلم كان يدل على أن وجهه ليس بوجه كذاب، فيمكن الاكتفاء من مثله في هذه الدعوة العظيمة بمثل هذا الحلف الغليظ; فإن احتمال الكذب من مثله منتف بدون الحلف ظاهرا، فكيف مع هذا الحلف؟ فلذلك اكتفى به.

* " آلله " : - بمد الهمزة - للاستفهام; كما في قوله تعالى: آلله أذن لكم [يونس: 59].

* " ثم ولى " : من التولية; أي: انصرف.

* * *




الخدمات العلمية