الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
12120 5551 - (12529) - (3\151) عن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: ثنا أبي، حدثنا نافع أبو غالب الباهلي شهد أنس بن مالك، قال: فقال العلاء بن زياد العدوي: يا أبا حمزة! بسن أي الرجال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذ بعث؟ قال: ابن أربعين سنة. قال: ثم كان ماذا؟ قال: كان بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، فتمت له ستون سنة، ثم قبضه الله إليه. قال: سن أي الرجال هو يومئذ؟ قال: كأشب الرجال، وأحسنه، وأجمله، وألحمه.

قال: يا أبا حمزة! هل غزوت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، غزوت معه يوم حنين، فخرج المشركون بكثرة، فحملوا علينا، حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا، وفي المشركين رجل يحمل علينا، فيدقنا ويحطمنا، فلما رأى ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم، نزل، فهزمهم الله، فولوا، فقام نبي الله حين رأى الفتح، فجعل يجاء بهم أسارى رجلا رجلا، فيبايعونه على الإسلام، فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن علي نذرا لئن جيء بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربن عنقه. قال: فسكت نبي الله صلى الله عليه وسلم، وجيء بالرجل، فلما رأى نبي الله، قال: يا نبي الله! تبت إلى الله، يا نبي الله! تبت إلى الله. قال: فأمسك نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلم يبايعه ليوفي الآخر نذره، قال: فجعل ينظر النبي صلى الله عليه وسلم ليأمره بقتله، وجعل يهاب نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يقتله، فلما رأى نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يصنع شيئا، بايعه، فقال: يا نبي الله! نذري!

[ ص: 285 ] قال: " لم أمسك عنه منذ اليوم إلا لتوفي نذرك " ، فقال: يا نبي الله! ألا أومضت إلي؟ فقال: " إنه ليس لنبي أن يومض " .


التالي السابق


* قوله : " بسن أي الرجال " : - بكسر سين وتشديد نون - ضبط منصوبا على

أنه خبر كان، وهو مضاف إلى أي: بتشديد الياء - المضاف إلى الرجال.

* " وأحسنه " : أي: أحسن من ذكر من الرجال، وإفراد الضمير بهذا التأويل في مثله مشهور في اللغة.

* " وألحمه " : كأن المراد: أكثره لحما، ولعل ذلك لأنه في آخر عمره حين أتم الله تعالى عليه نعمته، وبشره في شأن نفسه وأمته بما بشر، حصل له سرور، فظهر أثره في البدن.

* " فيدقنا " : أي: بالسيف.

* " ويحطمنا " : أي: يكسرنا بالقتل والجرح.

* " نزل " : عن بغلته ورمى بالتراب في وجوه المشركين.

* " يجاء بهم " : على بناء المفعول، ونائب الفاعل الجار والمجرور.

* " فلما رأى نبي الله " : - بالنصب - والفاعل ضمير الرجل.

* " فأمسك " : يدل على أن صحة الإسلام يومئذ كانت متوقفة على قبول النبي صلى الله عليه وسلم البيعة، وإلا لما كان للإمساك فائدة، وعلى أن السعي في خلاص المؤمن من تبعة أرجح وأقدم من السعي في خلاص الكافر من الكفر.

* " فجعل " : أي: الرجل.

* " ينظر " : ينتظر.

* " النبي " : - بالنصب - ; أي: أمره أو إشارته.

* " أومضت " : أي: أشرت إلي بالعين.

* * *




الخدمات العلمية