الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : وإذا وهب الرجل للرجل طعاما فأكله الموهوب له أو ثوبا فلبسه حتى أبلاه وذهب ; ثم استحقه رجل على الواهب فالمستحق بالخيار في أن يأخذ الواهب ; لأنه سبب إتلاف ماله فإن أخذه بمثل طعامه أو قيمة ثوبه فلا شيء للواهب على الموهوب له إذا كانت هبته إياه لغير ثواب ويأخذ الموهوب له بمثل طعامه وقيمة ثوبه ; لأنه هو المستهلك له ، فإن أخذه به فقد اختلف في أن يرجع الموهوب له على الواهب ، وقيل لا يرجع على الواهب ; لأن الواهب لم يأخذ منه عوضا فيرجع بعوضه وإنما هو رجل غره من أمر قد كان له أن لا يقبله . قال : وإذا استعار الرجل من الرجل ثوبا شهرا أو شهرين فلبسه فأخلقه ثم استحقه رجل آخر أخذه وقيمة ما نقصه اللبس من يوم أخذه منه ، وهو بالخيار في أن يأخذ ذلك من المستعير اللابس أو من الآخذ لثوبه .

فإن أخذه من المستعير اللابس ، وكان النقص كله في يده لم يرجع به على من أعاره من قبل أن النقص كان من فعله ، ولم يغر من ماله بشيء فيرجع به ، وإن ضمنه المعير غير اللابس فمن زعم أن العارية مضمونة ، قال : للمعير أن يرجع به على المستعير ; لأنه كان ضامنا ، ومن زعم أن العارية غير مضمونة لم يجعل له أن يرجع عليه بشيء ; لأنه سلطه على اللبس . وهذا قول بعض المشرقيين . والقول الأول قياس قول بعض أصحابنا الحجازيين وهو موافق للآثار وبه نأخذ .

ولو كانت المسألة بحالها غير أن مكان العارية أن المستعير تكارى الثوب كان [ ص: 263 ] الجواب فيها كالجواب في الأولى إلا أن المستكري إذا ضمن شيئا رجع به على المكري ; لأنه غره من شيء أخذ عليه عوضا ، وإنما لبسه على أن ذلك مباح له بعوض ويكون لرب الثوب أن يأخذ قيمة إجارة ثوبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية