الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 22 ] باب الآنية التي يتوضأ فيها ، ولا يتوضأ ( قال الشافعي ) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال { مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة قد كان أعطاها مولاة لميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال فهلا انتفعتم بجلدها ؟ قالوا يا رسول الله إنها ميتة فقال إنما حرم أكلها } أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، أخبرنا ابن عيينة عن زيد بن أسلم سمع ابن وعلة سمع ابن عباس سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول { أيما إهاب دبغ فقد طهر } أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا دبغ الإهاب فقد طهر } أخبرنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت } ( قال الشافعي ) فيتوضأ في جلود الميتة كلها إذا دبغت وجلود ما لا يؤكل لحمه من السباع قياسا عليها إلا جلد الكلب ، والخنزير فإنه لا يطهر بالدباغ ; لأن النجاسة فيهما وهما حيان قائمة ، وإنما يطهر بالدباغ ما لم يكن نجسا حيا . والدباغ بكل ما دبغت به العرب من قرظ ، وشب وما عمل عمله مما يمكث فيه الإهاب حتى ينشف فضوله ويطيبه ويمنعه الفساد [ ص: 23 ] إذا أصابه الماء ، ولا يطهر إهاب الميتة من الدباغ إلا بما وصفت ، وإن تمعط شعره فإن شعره نجس ، فإذا دبغ وترك عليه شعره فماس الماء شعره نجس الماء ، وإن كان الماء في باطنه وكان شعره ظاهرا لم ينجس الماء إذا لم يماس شعره ، فأما جلد كل ذكي يؤكل لحمه فلا بأس أن يشرب ويتوضأ فيه إن لم يدبغ ; لأن طهارة الذكاة وقعت عليه فإذا طهر الإهاب صلي فيه وصلي عليه ، وجلود ذوات الأرواح السباع وغيرها مما لا يؤكل لحمه سواء ذكيه وميته ; لأن الذكاة لا تحلها فإذا دبغت كلها طهرت ; لأنها في معاني جلود الميتة إلا جلد الكلب والخنزير فإنهما لا يطهران بحال أبدا ( قال ) ولا يتوضأ ولا يشرب في عظم ميتة ولا عظم ذكي لا يؤكل لحمه مثل عظم الفيل والأسد وما أشبهه ; لأن الدباغ والغسل لا يطهران العظم روى عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر يكره أن يدهن في مدهن من عظام الفيل ; لأنه ميتة .

( قال الشافعي ) فمن توضأ في شيء منه أعاد الوضوء وغسل ما مسه من الماء الذي كان فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية